ويحتمل أن يؤخذ وجه المماثلة هو التشبّه بصفات الشيطان في مرتبة نفسه من حيث عناده وتمرّده وثباته في الكفر.
وفوق هذه الانظار نظر آخر ، وهو أنّه قد ورد في بعض الاخبار أنّ الثاني ـ لعنه الله تعالى ـ كان شيطانا (١) ، وربّما يحكى رواية : أنّه كلّما ذكر الشيطان في القرآن فهو الثاني (٢).
ولعلّ دقّة النظر في المقام تؤدّي إلى أنّ الانسان بحسب الصورة قد ينسلخ من معنى الانسانيّة ، ويتحقّق بالحقيقة الشيطانيّة في باطنه ، ويكون مسوخا بالشيطان في الباطن ، كما يتحقّق المسخ الباطني للانسان بصورة الحيوانات على ما سنذكره ـ إن شاء الله تعالى ـ فيما بعد ، فيكون خارجا عن حدود الانسانيّة وداخلا تحت حقيقة الشيطانيّة وإن غايره صورة وشكلا.
والظاهر أنّ الثاني ـ لعنه الله ـ من أقوى أفراد هذا العنوان ، وكذا نظائره من كثير من المتوغّلين في الكفر والنفاق ، الّذين صاروا أئمّة يدعون إلى النار ، هذا.
__________________
ـ في حجورهم ، فنظر بأعينهم ، ونطق بألسنتهم ، فركب بهم الزلل ، وزين لهم الخطل ، فعل من قد شركه الشيطان فى سلطانه ، ونطق بالباطل على لسانه.» فراجع نهج البلاغة ، خ ٧ ، ص ٥٣.
(١) كخبر العياشي (ره) في تفسيره ، ج ٢ ، ص ٢٢٣ ، ح ٨ ، عن حريز ، عمن ذكره ، عن أبى جعفر ـ عليهالسلام ـ في قول الله تعالى : «وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ ...» (ابراهيم / ٢٢) قال : «هو الثاني ، وليس في القرآن شيء «وقال الشيطان» إلا وهو الثاني.» والروايات في هذا المعنى كثيرة ، قد جمعها المجلسي (رض) في البحار ، ج ٨ (ط كمباني) ، باب كفر الثلاثة ونفاقهم وفضائح أعمالهم ، فراجع.
(٢) قد مضى في التعليقة السابقة.