من قرأ القرآن ولم يحجزه عن مخالفة الله سبحانه ، الّتي يترتّب عليها العقاب أنّه ممّن اتّخذ آيات الله هزوا ، أو قريبا من هذا المضمون (١).
وهذا بخلاف صفة المؤمنين المخلصين ، فانّهم لا خلوة لهم مع الشياطين ، بل يدفعونهم ويجاهدونهم ويخرجونهم إن اجتازوا عليهم ولا لهم مضيّ وتجاوز إليهم ، وأعمالهم ليست استهزاء وسخريّة ، بل من عين الحقيقة ، وهي ثقيلة متّصلة بأصولها.
ولعلّ في التعبير هنا بلفظ (إِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ) إشارة إلى البيان المذكور ، فانّ لهم شياطينا يخلون إليهم بالبيان المتقدّم ، فتدبّر.
ثمّ إنّه ما أشبه صنيع الناكثين بيعة أمير المؤمنين عليهالسلام بالتفصيل المتقدّم بحال كثير من الناقصين في الايمان ، المقتصرين على الايمان الظاهري أو قليل من الباطني ، حيث إنّهم إذا لقوا أهل الصلاح والسداد والكمال في الايمان أثنوا عليهم بكلّ وجدوا ، وأظهروا نهاية الموافقة معهم في طريقتهم وعقائدهم ، وإذا خلوا إلى شياطينهم كان صفتهم على ما تقدّم ، وكثيرا ما يصرّحون بنظير ما قالوه مع المشاركين لهم في النقصان ، كما مرّت الاشارة إلى نظائره.
__________________
(١) قال أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ : «من قرأ القرآن فمات فدخل النار ، فهو ممن كان يتخذ آيات الله هزوا.» فراجع نهج البلاغة ، ح ٢٢٨ ، ص ٥٠٨ ؛ وهكذا رواه العياشى (ره) فى تفسيره ، ج ١ ، ص ١٢٠ ، ح ٣٧٩ ، عن عمرو بن جميع رفعه اليه ـ عليهالسلام ـ.