بضرب الذلّة والمسكنة في الدنيا عليهم ، ويتمّ ظهوره عند الموت إلى نفخة الصور ، ويتمّ كمال ظهوره في القيامة الكبرى.
وكلّ هذه ممّا أورده الحقّ عليهم من الاظهار وإدخال الهوان العينيّ الخارجي ، كما يدخل المستهزئ من العباد الهوان الصوريّ الاعتباري ، ويظهره بلفظه ، بل حدوث هذه الحالة الاستهزائيّة لهم مستندة إلى الاسباب الالهيّة استنادا به يتمّ الامر بين الامرين : الجبر والتفويض. فهم المستهزؤن بأنفسهم ، والله قاض به عليهم على وجه يليق بجنابه ، وهو جاعل فعلهم الّذي هو الاستهزاء أمرا حقيقيّا لازما لهم في الباطن ، ظاهرا عليهم في البرزخ والقيامة كسائر أعمال العباد ، وحامله عليهم ، وملزمه على عنقهم.
ولمّا كان الجزاء مناسبا للجرم وموافقا له بحسب المعنى ، أو ظهورا لنفس العمل بالحقيقة العينيّة البرزخيّة في البرزخ ، والحقيقة الكاملة في المعاد الاكبر وظهور وقوعه على عامله بعد ما كان ثابتا معناه في غيب الدنيا عليه ، على تفصيل ربّما نذكر هنا في خلال التفسير ـ إن شاء الله سبحانه ـ كان اللازم أن يظهر سورة عملهم في مقام الجزاء واقعا عليهم ؛ (هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(١) (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها). (٢)
فالمناسب أن يقع جزاء الاستهزاء هو نحو ممّن ذكر تفصيله في الرواية ، وعن ابن عباس ، الّذي لا يبعد من حاله أخذه أمثال هذه المعاني عن النبي صلىاللهعليهوآله أو أمير المؤمنين عليهالسلام لمكان شدّة اختصاصه به ، وملازمته له على ما يظهر ممّا يحكى عن حاله.
__________________
(١) الاعراف / ١٤٧ ؛ والسباء / ٣٣.
(٢) الغافر / ٤٠.