معنى صيّر ، ويجري مجرى أفعال القلوب ، ومنه المقام بحسب الظاهر وإن احتمل فيه كونه هنا بمعنى طرح. ويكون في ظلمات لا يبصرون حالين مترادفين أو متداخلين.
والظلمة : عدم النور على ما ذكره في الكشّاف (١) ، والصواب زيادة قيد ، وهو كونه عمّا من شأنه النور ، كما عن الحكماء. وقيل : «عرض ينافي النور. واشتقاقها من قولهم : «ما ظلمك أن تفعل كذا ؛ أي : ما منعك وشغلك ، لأنّها تسدّ البصر ، وتمنع الرؤية.» على ما ذكر بعضهم (٢).
وفي جمع الظلمة وتنكيرها وإتباعها بما يدلّ على نفي الابصار مطلقا ، وهو قوله : «لا يبصرون» ، وإسقاط المفعول منه بمنزلة المتروك المطرح الذي لا يخطر بالبال على ما قيل ، دلالة على أنّ الظلمة بلغت مبلغا يبهت معها الواصفون.
وفي تعليق الذهاب بالنور لا الضوء الذي كان يناسبه المقابلة ، ونسبة الذهاب به إلى الله سبحانه تأييد لذلك.
والاحتمال الثاني في قوله : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ)» أن لا يكون جواب «لمّا» ، فيكون جواب «لمّا» محذوفا بقرينة ما بعده ، وهو مثل طفئت النار الموقدة وخمدت ، وبقي خابطا متحيّرا في الظلمات.
وحينئذ يكون الجملة المذكورة بمنزلة بيان لوجه المشابهة بين حال المنافقين والمستوقدين ، ومرجع الضميرين إلى المنافقين ، وهو أنسب بايرادها جمعا على خلاف الضمائر السّابقة ، كما أنّ ذهاب النور أقلّ مناسبة لحال مستوقد النّار من حال المنافقين ، كما أنّ لفظ النور والظلمات ونفي الابصار ربّما يترائى من ظواهرها تأييد الوجه الاول نظرا إلى بقائها على معانيها العرفيّة الشائعة.
__________________
(١) نفس المصدر ، ص ٣٩.
(٢) نفس المصدر.