بمعدن طيّب.» (١).
ثمّ إنّ نظير هذا المعنى المنتزع من المثال المذكور في الآية يحصل لأهل المجاهدة وإصلاح القلب ، فانّه كثيرا ما يحدث لهم مواهب وأحوال حسنة ، وإشراقات أنوار غيبيّة وغير ذلك ، ثمّ يتعقبه الخمود وانقلاب الحال إلى ما كان قبله أو أسوء منه ، وذلك لكونه عارضا ليس له في قلبه أصله ، ولم يتمكّن من باطن الغيب ، وهو أيضا من النفاق بالقياس إلى مقام حقيقته ، وإن كان من مقام الايمان بالقياس إلى ما نزل عليه ، فانّ للايمان درجات ومراتب ، كما يظهر من أخبار عديدة مذكورة في محالّها (٢).
وربّما يرى هؤلاء في مبادئ أحوالهم رؤيا مطابقة لما ذكر في الآية ، ويكشف ذلك عن وجود النفاق بالمعنى الاعمّ في نفس من رأى تلك الرؤيا إن كان ما يراه في منامه ناظرا إلى أحوال نفسه وباطن حاله. وحينئذ فلا بدّ له من السعي والمجاهدة إلى أن يصل إلى حقيقة ذلك الامر الصوري ، والله الهادي.
__________________
(١) رواه علي بن عيسى (ره) في كشف الغمة ، ج ٢ ، باب في فضائل الامام أبي عبد الله الصادق ـ عليهالسلام ـ ، ص ١٥٨ ؛ ونقله المجلسي (رض) في البحار ، ج ٧٨ ، باب مواعظ الصادق ـ عليهالسلام ـ ، ص ٢٠٢ ، ح ٣٣.
(٢) راجع مبحث الايمان ذيل آية : «الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ» ، وقد أورد المصنف ـ رحمهالله ـ فيه أخبارا في هذا المعنى.