[في بيان معنى الصّمم والعمى والبكم]
[وظهورها في الدنيا والآخرة]
(صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ)
يعني : يصمّون في الآخرة في عذابها. «بكم» : يبكمون هنا بين أطباق نيرانها. «عمي» يعني : يعمون هناك ، وذلك نظير قوله عزوجل : (وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى)(١) (وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً)(٢) كذا عن تفسير الامام عليهالسلام في ذيل ما تقدّم ظاهرا.
أقول :
كونهم أصمّ وأعمى وأبكم في الآخرة يشهد عند أولى الالباب أنّ لهم صمما وعميا وبكما باطنيا غيبيا في الدنيا لم تظهر فيها لأهل الدنيا ، وإنّما ظهرت في الآخرة الّتي هي يوم تبلى السرائر وتبدى الضمائر ، فانّ الدنيا مزرعة الآخرة بنوالها ونكالها ، وثوابها وعقابها. وكيف يوجد في الزرع وقت حصاده ما ليس في البذر وقت زراعته؟ ولعلّ في ذيل الآية المتقدّمة إشارة إليه ، وهو قوله عزوجل : (قالَ : رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً* قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى)(٣).
__________________
(١) طه / ١٢٤.
(٢) الآية الاخيرة : الاسراء / ٩٧ ؛ والحديث : راجع المصادر المذكورة في تعليقة ٢ ص ٥٥٩.
(٣) طه / ١٢٥ ـ ١٢٦.