ما أقدرهم عليه ؛ فان ائتمر العباد بطاعته لم يكن الله عنها صادّا ولا منها مانعا ، وإن ائتمروا بمعصيته فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك ، وإن لم يحل وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه» (١).
إلى غير ذلك من الاخبار.
وكأن هؤلاء المنكرين لكون فعل العبد مقدورا له سبحانه هم المعنيون بقول الصادق عليهالسلام المرويّة في التوحيد :
«إن القدرية مجوس هذه الامة ، وهم الذين أرادوا أن يصفوا الله بعدله فأخرجوه عن سلطانه. وفيهم نزلت هذه الآية : (يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ* إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ»). (٢)
وأمّا ما تشبّثوا به من الوجهين ، فهو كنسج العنكبوت الّذي هو من أوهن البيوت ، نسجها عليهم أهوائهم وآرائهم وشياطينهم ؛ إذ دعوى امتناع قدرة غير مؤثّرة غير بيّنة ولا مبيّنة ، وليس من شرط القدرة فعليّة التأثير ، بل صلاحية التأثير وإمكانه. ثمّ لا يشترط أن تكون مؤثّرة ابتداء ، لم لا يجوز أن تكون مؤثّرة بتوسط إقدار العبد عليه؟ ثمّ اجتماع المؤثرين على الشيء الواحد لم لا يجوز إذا كان أحدهما في طول الآخر بأن يؤثّر أحدهما في إعطاء التأثير والايجاد للمؤثّر الآخر ،
__________________
(١) رواه ـ رحمهالله ـ في التوجيد ، باب نفي الجبر والتفويض ، ص ٣٦١ ، ح ٧ ؛ والعيون ، ج ١ ، باب ١١ ، ص ١١٩ ، ح ٤٨ ؛ ونقله المجلسي (ره) في البحار ، ج ٥ ، باب نفي الجبر والتفويض ، ص ١٦ ، ح ٢٢.
(٢) الاية : القمر / ٤٩ ـ ٤٨ ، والحديث في التوحيد ، باب القضاء والقدر ، ص ٣٨٢ ، ح ٢٩ ؛ والبرهان ، ج ٤ ، ص ٢٦١.