بحيث يكون الآخر في ذاته وتأثيره متقوّما بالاوّل ، لا مستقلا مفوّضا إليه الامر؟ وأمّا لو اختلفا في إرادة الفعل والترك ، فأيّهما كان أقدر وقع ما أراده دون الآخر ؛ كسائر المقتضيات المجتمعة المتنافية؟ ففي المقام لا يكون إلا ما أراده الله سبحانه أراد العباد خلافه وكرهوا ما أراده أم لا. ومن أين وأنّى للعبد مغالبة الله سبحانه في قضائه وقدره؟ إلى غير ذلك من جهات الفساد في الدليلين. وستعرف ـ إن شاء الله سبحانه ـ تتمة الكلام في ذلك ، وسبق نبذة منه.
ثمّ اعلم أنّه ربّما يعرض للساعين في تكميل الايمان ودرجات التقوى والمجاهدة رؤيا على طبق هذا المثال الاخير كلا أو بعضا ، بأن يرى الصاعقة أو الرعد أو البرق فقط ، وكأنّه إمارة عدم رسوخ الايمان فيه وبقاء عروق الكفر والنفاق بالاعتبار الاعمّ فيه ، وهو أيضا علامة كونه متعرضا للترقّي في الايمان.
وربّما يلوح له المطر بسحابة أو بدونه ، وكأنّه دليل نزول الرحمة والبركة عليه. ولعلّ إليه الاشارة في الرواية السابقة في شأن التقوى وما يترتّب عليه.
وربّما يرى برقا يكاد يخطف بصره أو بدونه ، وهو مبدء ترقيّه من عالم الظلمة إلى عالم النور.
وربّما يرى رعدا وصاعقة فيدخل في قلبه خوف ودهشة وهو من إمارات نقصانه وعدم مناسبة نفسه لذلك العالم مناسبة تأمّة بعد ، وهو من مقدّمات خروجه عن أنانيّة نفسه وفرعونيّتها ، وحدوث الخشوع والاستكانة لنفسه على الحقيقة لا الصورة فقط.
وربّما يرى الظلمات فقط ، وهو دليل على بعده عن عالم النور ، وعدم تمكّن النور. وثباته دليل على نقصان العبد وبقاء شوائب الظلمة والسمع والبصر المدركين لأمثال ذلك لو شاء الله أذهب بهما ، ولو شاء أبقاهما ، وهو نعمة عظيمة