وقد يسأل سائل : لم حرّم الله الميتة والدّم ولحم الخنزير؟
فيكون الجواب ما قاله الإمام الصادق عليهالسلام لأحد أصحابه : «إنّ الله تبارك وتعالى لم يحرّم ذلك على عباده وأحلّ لهم ما سواه من رغبة منه تبارك وتعالى فيما حرّم عليهم ، ولا زهد فيما أحلّ لهم ، ولكنّه خلق الخلق وعلم ما يقوم به أبدانهم وما يصلحهم فأحلّه وأباحه تفضّلا منه عليهم لمصلحتهم ، وعلم ما يضرّهم فنهاهم عنه وحرّمه عليهم ، ثمّ أباحه للمضطرّ وأحلّه لهم في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلّا به ، فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك».
ثمّ قال : «أما الميتة فإنّه لا يدنو منها أحد ولا يأكلها إلّا [من] ضعف بدنه ، ونحل جسمه ، ووهنت قوّته ، وانقطع نسله ، ولا يموت آكل الميتة إلّا فجأة. وأمّا الدّم فإنه يورث الكلب (١) ، وقسوة القلب ، وقلّة الرأفة والرحمة ، لا يؤمن أن يقتل ولده ووالديه ، ولا يؤمن على حميمه ، ولا يؤمن على من صحبه. وأمّا لحم الخنزير فإنّ الله مسخ قوما في صورة شيء شبه الخنزير والقرد والدّبّ ، وما كان من الأمساخ ، ثمّ نهى عن أكل مثله لكي لا ينتفع بها ولا يستخف بعقوبته. وأمّا الخمر فإنّه حرّمها لفعلها وفسادها».
وقال : «إنّ مدمن الخمر كعابد وثن ، ويورثه أرتعاشا ، ويذهب بنوره ، ويهدم مروءته ، ويحمله على أن يجسر على المحارم من سفك الدماء ، وركوب الزّنا ، ولا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك ، والخمر لم يرد شاربها إلّا إلى كلّ شر» (٢).
٢ ـ قال أبو جعفر عليهالسلام ، في قول الله عزوجل : (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ
__________________
(١) الكلب : داء شبيه بالجنون ، يعرض لصاحبه أعراض رديئة ، ويمتنع عن شرب الماء حتى يموت عطشا.
(٢) وسائل الشيعة : ج ١٦ ، ص ٣٧٧.