فقال له عليّ عليهالسلام : «ثكلتك أمّك ، وكيف شككت في كتاب الله المنزل؟».
فقال له الرّجل : لأنّي وجدت الكتاب يكذّب بعضه بعضا ، وينقض بعضه بعضا.
فقال : «هات الذي شككت فيه؟».
فقال : لأنّ الله يقول : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً)(١) ويقول حيث استنطقوا ، قال الله : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) ويقول : (يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً)(٢) ويقول : (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ)(٣) ويقول : (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَ)(٤) ويقول : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ)(٥) فمرة يتكلّمون ، ومرّة لا يتكلّمون ، ومرّة ينطق الجلود والأيدي والأرجل ، ومرّة لا يتكلّمون ، ومرّة ينطق الجلود والأيدي والأرجل ، ومرّة لا يتكلّمون إلّا من أذن له الرّحمن وقال صوابا ، فأنّى ذلك يا أمير المؤمنين؟
فقال له عليّ عليهالسلام : «إنّ ذلك ليس في موطن واحد ، وهي في مواطن في ذلك اليوم الذي مقداره خمسون ألف سنة ، فجمع الله الخلائق في ذلك اليوم في موطن يتعارفون فيه ، فيكلّم بعضهم بعضا ، ويستغفر بعضهم لبعض ، أولئك الذين بدت منهم الطّاعة من الرّسل والأتباع ، وتعاونوا على البرّ والتّقوى في دار الدنيا ، ويلعن أهل المعاصي بعضهم بعضا من الذين بدت
__________________
(١) النبأ : ٣٨.
(٢) العنكبوت : ٢٥.
(٣) ص : ٦٤.
(٤) ق : ٢٨.
(٥) يس : ٦٥.