منهم المعاصي وتعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا ، والمستكبرون منهم والمستضعفون يلعن بعضهم بعضا ويكفّر بعضهم بعضا. ثمّ يجمعون في موطن يفرّ بعضهم من بعض ، وذلك قوله (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ)(١) إذا تعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)(٢).
ثمّ يجمعون في موطن يبكون فيه ، فلو أنّ تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلائق عن معائشهم ، وصدّعت الجبال ، إلّا ما شاء الله ، فلا يزالون يبكون حتّى يبكون الدم.
ثمّ يجتمعون في موطن يستنطقون فيه ، فيقولون (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) ولا يقرّون بما عملوا ، فيختم على أفواههم وتستنطق الأيدي والأرجل والجلود ، فتنطق ، فتشهد بكلّ معصية بدت منهم ، ثمّ يرفع عن ألسنتهم الختم ، فيقولون لجلودهم وأيديهم وأرجلهم : (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا)؟ فتقول : (أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ)(٣).
ثمّ يجمعوا في موطن يستنطق فيه جميع الخلائق ، فلا يتكلّم أحد إلّا من أذن له الرحمن وقال صوابا. ويجتمعون في موطن يختصمون فيه ، ويدان لبعض الخلائق من بعض ، وهو القول ، وذلك كلّه قبل الحساب ، فإذا أخذ بالحساب ، شغل كلّ امرىء بما لديه ، نسأل الله بركة ذلك اليوم» (٤).
ـ وقال أبو جعفر الباقر عليهالسلام في قوله تعالى : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) : «يعنون بولاية علي عليهالسلام» (٥).
__________________
(١) عبس : ٣٤ ـ ٣٦.
(٢) عبس : ٣٧.
(٣) فصلت : ٢١.
(٤) تفسير العيّاشي : ج ١ ، ص ٣٥٧ ، ح ١٦.
(٥) الكافي : ج ٨ ، ص ٢٨٧ ، ح ٤٣٢.