الله تعالى أن ينزل عليه التوراة والألواح إلى ثلاثين يوما ، أخبر بني إسرائيل بذلك ، وذهب إلى ميقات ربه وخلف هارون على قومه. فلما جاءت الثلاثون يوما ، ولم يرجع موسى إليهم ، عصوا وأرادوا أن يقتلوا هارون ، قالوا : إن موسى كذبنا وهرب منا.
فجاء إبليس في صورة رجل فقال لهم : إن موسى قد هرب منكم ولا يرجع أبدا فأجمعوا إليّ حليكم حتى أتخذ إلها تعبدونه. وكان السامري على مقدمة موسى يوم أغرق الله فرعون وأصحابه ، فنظر إلى جبرائيل عليهالسلام وكان على حيوان في صورة رمكة كانت له كلما وضعت حافرها على موضع من الأرض يتحرك ذلك الموضع ، فنظر إليه السامري وكان من خيار أصحاب موسى ، فأخذ التراب من حافر رمكة جبرائيل وكان يتحرك ، فصره في صرة وكان عنده يفتخر به على بني إسرائيل. فلما جاءهم إبليس واتخذوا العجل ، قال السامري هات التراب الذي معك فجاء به السامري فألقاه إبليس في جوف العجل ، فلما وقع التراب في جوفه تحرك وخار ونبت عليه الوبر والشعر ، فسجد له بنو إسرائيل ، وكان عدد الذين سجدوا سبعين ألفا من بني إسرائيل.
فقال لهم هارون : (إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى)(١) فهموا بهارون حتى هرب من بينهم وبقي في ذلك ، حتى تم ميقات موسى أربعين ليلة. فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله عليه الألواح فيه التوراة وما يحتاجون إليه من الأحكام والسير والقصص. ثم أوحى الله إلى موسى عليهالسلام : إنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري وعبدوا العجل وله خوار فقال موسى عليهالسلام : يا رب العجل من السامري ، فالخوار ممن ، قال : مني ، يا موسى إني لما رأيتهم قد
__________________
(١) طه : ٩٠ ـ ٩١.