ولوا عني إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة. (فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي)(١) ثم رمى الألواح وأخذ بلحية أخيه هارون ورأسه يجره إليه فقال له : (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي)(٢) فقال له بنو إسرائيل : ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم ـ يعني من حليهم ـ فقذفناها قال : التراب الذي جاء به السامري طرحناه في جوفه ، ثم أخرج السامري العجل وله خوار. فقال له موسى : (قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها)(٣) يعني من تحت حافر رمكة جبرائيل عليهالسلام في البحر فنبذتها أي أمسكتها (وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي)(٤) أي زينت.
فأخرج موسى العجل فأحرقه بالنار وألقاه في البحر ، ثم قال موسى للسامري (فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ)(٥) يعني ما دمت حيا وعقبك هذه العلامة فيكم قائمة ، حتى تعرفوا أنكم سامرية فلا يغتر بكم الناس ، فهم إلى الساعة بمصر والشام معروفين لا مساس لهم. ثم همّ موسى بقتل السامري ، فأوحى الله إليه : لا تقتله يا موسى فإنه سخي ، فقال له موسى : (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً إِنَّما إِلهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ)(٦).
__________________
(١) طه : ٨٦.
(٢) طه : ٩٢ ـ ٩٤.
(٣) طه : ٩٥ ـ ٩٦.
(٤) طه : ٩٦.
(٥) طه : ٩٧.
(٦) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٦١ ـ ٦٣ ، والآية طه : ٩٧ ـ ٩٨.