بِجَناحَيْهِ) [الأنعام : ٣٨] (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ) [آل عمران : ١٦٧].
وقيل : فائدة ذكره أنهم باشروا ذلك بأنفسهم ، ولم يأمروا به غيرهم ، فإنّ قولهم : فعل كذا يحتمل أنه أمر بفعله ولم يباشره ، نحو : «بنى الأمير المدينة» فأتى بذلك رفعا لهذا المجاز.
وقيل : فائدة [ذكره أنهم باشروا ذلك بأنفسهم ، ولم يأمروا به غيرهم. ففائدته](١) بيان جرأتهم ومجاهرتهم ، فإن المباشر للفعل أشدّ مواقعة ممن لم يباشره.
وهذان القولان قريبان من التأكيد ، فإنّ أصل التأكيد رفع توهّم المجاز.
وقال ابن السراج : ذكر الأيدي كناية عن أنهم اختلقوا ذلك من تلقائهم ، ومن عند أنفسهم ، وهذا الذي قاله لا يلزم.
والأيدي : جمع «يد» ، والأصل : أيدي بضم الدال ك «فلس وأفلس» في القلّة ، فاستثقلت الضمة قبل الياء ، فقلبت كسرة للتجانس ، نحو : «بيض» جمع «أبيض» ، والأصل «بيض» بضم الباء ك «حمر» جمع «أحمر» ، وهذا رأي سيبويه ، أعني أنه يقر الحرف ويغير الحركة ، ومذهب الأخفش عكسه ، وسيأتي تحقيق مذهبهما عند ذكر «معيشة» إن شاء الله تعالى.
وأصل «يد» : يدي ـ بسكون العين.
وقيل : يدي ـ بتحريكها ـ فتحرّك حرف العلة وانفتح ما قبله فقلب ألفا ، فصار : يدا ك «رحى» ، وعليه التثنية : يديان [وعليه أيضا قوله : [الرجز]
٦٠٩ ـ يا ربّ سار بات ما توسّدا |
|
إلّا ذراع العنز أو كفّ اليدا (٢)](٣) |
[والمشهور في تثنيتها عدم ردّ لامها ، قال تعالى : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) [المائدة : ٦٤] (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَ) [المسد : ١] وقد شذّ الردّ في قوله : يديان ؛ قال : [الكامل]
٦١٠ ـ يديان بيضاوان عند محلّم |
|
قد يمنعانك أن تضام وتقهرا (٤) |
و «أياد» جمع الجمع ، نحو : كلب وأكلب وأكالب ، ولا بد في قوله : (يَكْتُبُونَ الْكِتابَ) من حذف يصح معه المعنى ، فقدره الزمخشري : «يكتبون الكتاب المحرف» ، وقدره غيره حالا من الكتاب تقديره : ويكتبون الكتاب محرفا ، وإنما [أحوج](٥) إلى هذا
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر شرح المفصل لابن يعيش : ٤ / ١٥٢ ، الدرر : ١ / ١٣ ، والدر المصون : ١ / ٢٧١.
(٣) سقط في ب.
(٤) ينظر تذكرة النحاة : ص ١٤٣ ، خزانة الأدب : ٧ / ٤٨٢ ، وشرح شافية ابن الحاجب : ٢ / ٦٥ ، والدر المصون : ١ / ٢٧١.
(٥) في أ : أخرج.