قيل : لو فعلوا ذلك لتوالى إعلالان :
أحدهما : قلب الهمزة الثانية ألفا ، ثم حذف الألف المبدلة من الياء لسكونها ، وسكون الألف قبلها ، فكان يصير اللّفط أدناه ، فتحذف الفاء والعين ، وليس «أسلناه» كذلك ؛ لأن هناك حذفت العين فقط.
وقال الزمخشري في «المائدة» : «أيّدتك على أفعلتك».
وقال ابن عطية : «على فاعلتك» ، ثم قال : «ويظهر أنّ الأصل في القراءتين : أفعلتك ، ثم اختلف الإعلال» والذي يظهر أن «أيّد» فعّل لمجيء مضارعه على يؤيّد بالتشديد ، ولو كان أيّد بالتشديد بزنة «أفعل» لكان مضارعه «يؤيد» ك «يؤمن» من «آمن» وأما آيد ـ بالمدّ ـ فيحتاج في نقل مضارعه إلى سماع ، فإن سمع «يؤايد» ك «يقاتل» فهو «فاعل» فإن سمع «يؤيد» ك «يكرم» و «آيد» فهو أفعل ، ذكر جميع ذلك أبو حيّان في «المائدة» ، ثم قال : إنه لم يظهر كلام ابن عطيّة في قوله : «اختلف الإعلال» ، وهو صحيح ، إلّا أن قوله : والذي يظهر أن «أيّد» في قراءة الجمهور «فعّل» لا «أفعل» إلى آخره فيه نظر ؛ لأنه يشعر بجواز شيء آخر متعذّر. كيف يتوهّم أن «أيّد» بالتشديد في قراءة الجمهور بزنة «أفعل» ، هذا ما لا يقع.
و «الأيد» : القوة.
قال عبد المطّلب : [الرجز]
٦٤٨ ـ ألحمد لله الأعزّ الأكرم |
|
أيّدنا يوم زحوف الأشرم (١) |
والصحيح أن «فعّل» و «أفعل» هنا بمعنى واحد وهو «قوّيناه» ، وقد فرق بعضهم بينهما ، فقال : «أما المدّ فمعناه : القوة ، وأما القصر فمعناه : التأييد والنصر» وهذا في الحقيقة ليس بفرق ، وقد أبدلت بعض العرب في آيد على أفعل الياء جيما فقالت : آجده أي قواه.
قال الزمخشري (٢) : «يقال : الحمد لله الذي آجدني بعد ضعف ، وأوجدني بعد فقر». وهذا كما أبدلوا من يائه جيما فقالوا : لا أفعل ذلك جد الدّهر أو مد الدهر ، وهو إبدال لا يطّرد.
ومن إبدال الياء جيما قول الراجز : [الرجز]
٦٤٩ ـ خالي عويف وأبو علجّ |
|
ألمطعمان اللّحم بالعشجّ (٣) |
يريد : «وأبو علي» و «بالعشي».
قوله : (بِرُوحِ الْقُدُسِ) متعلق ب «أيدناه».
__________________
(١) ينظر الدر المصون : ١ / ١٦٢.
(٢) ينظر الكشاف : ١ / ١٦٢.
(٣) تقدم.