على تشديده في «الحجر» (وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا) [الحجر : ٢١] وقد خالفا هذا الأصل.
أما أبو عمرو فإنه شدد (عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً) [الأنعام : ٣٧] في «الأنعام».
وأما ابن كثير فإنه شدّد في الإسراء (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ) [الإسراء : ٨٢] (حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً) [الإسراء : ٩٣].
والباقون بالتشديد في جميع المضارع إلّا حمزة والكسائي ، فإنهما خالفا هذا الأصل مخففا (وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) آخر لقمان [لقمان : ٣٤] (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ) في الشورى [الآية : ٢٨].
والهمزة والتضعيف للتعدية ، وقد تقدم : هل بينهما فرق؟ وتحقيق كلّ من القولين ، وقد ذكر القراء مناسبات الإجماع على التشديد في تلك المواضع ، ومخالفة كلّ واحد أصله لماذا؟ بما يطول ذكره والأظهر من ذلك كله أنه جمع بين اللغات.
قوله : (مِنْ فَضْلِهِ) من لابتداء الغاية ، وفيه قولان :
أحدهما : أنه صفة لموصوف محذوف هو مفعول «ينزل» أي : ينزل الله شيئا كائنا من فضله ، فيكون في محلّ نصب.
والثاني : أن «من» زائدة ، وهو رأي الأخفش ، وحينئذ فلا تعلق له ، والمجرور بها هو المفعول أي : أن ينزل الله فضله.
قوله : (عَلى مَنْ يَشاءُ) متعلّق ب «ينزل» و «من» يجوز أن تكون موصولة ، أو نكرة موصوفة ، والعائد على الموصول أو الموصوف محذوف لاستكمال الشّروط المجوزة للحذف ، والتقدير : على الذي يشاؤه ، أو على رجل يشاؤه.
وقدره أبو البقاء مجرورا فإنه قال ـ بعد تجوزه في «من» أن تكون موصوفة أو موصولة ـ «ومفعول يشاء محذوف ، أي : يشاء نزوله عليه ، ويجوز أن يكون : يشاء يختار ويصطفي» انتهى.
وقد عرفت أن العائد المجرور لا يحذف إلّا بشروط ، وليست موجودة هنا ، فلا حاجة إلى هذا التقدير.
قوله : (مِنْ عِبادِهِ) فيه قولان.
أحدهما : أنه حال من الضّمير المحذوف الذي هو عائد على الموصوف أو الموصول ، والإضافة تقتضي التشريف.
والثاني : أن يكون صفة ل «من» بعد صفة على القول بكونها نكرة ، قاله أبو البقاء وهو ضعيف ؛ لأن البداية بالجار والمجرور على الجملة في باب النعت عند اجتماعهما أولى لكونه أقرب إلى المفرد فهو في محلّ نصب على الأول وجرّ على الثاني ، وفي كلا القولين متعلّق بمحذوف وجوبا لما تقرر.