موجب قلبها ، وهو الهمزة الأولى ، ولم يسمع ذلك.
الثالث : أن هذه «ها» التي للتنبيه دخلت على «أتى» ولزمتها ، وحذفت همزة أتى لزوما ، وهذا مردود ، فإن معنى «هات» أحضر كذا ، ومعني ائت : احضر أنت ، فاختلاف المعنى يدلّ على اختلاف المادة.
فتحصل في «هاتوا» سبعة أقوال :
فعل ، أو اسم فعل ، أو اسم صوت ، والفعل هل ينصرف أو لا ينصرف؟ وهل هاؤه أصلية ، أو بدل من همزة ، أو هي هاء التنبيه زيدت وحذفت همزته؟
وأصل «هاتوا» : «هاتيوا» ، فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت ، فالتقى ساكنان فحذف أولهما ، وضم ما قبله لمجانسة «الواو» فصار «هاتوا».
قوله تعالى : (بُرْهانَكُمْ) مفعول به.
قال القرطبي رحمهالله تعالى : «البرهان : الدّليل الذي يوقع اليقين ، وجمعه براهين ، مثل قربان وقرابين ، وسلطان وسلاطين».
واختلفوا فيه على قولين :
أحدهما : أنه مشتقّ من «البره» وهو القطع ، وذلك أنه دليل يفيد العلم القطعي ، ومنه : برهة الزمان أي : القطعة منه ، فوزنه «فعلان».
والثاني : أن نونه أصلية لثبوتها في برهن يبرهن برهنة ، والبرهنة البيان ، فبرهن فعلل لا فعلن ، لأن فعلن غير موجود في أبنيتهم ، فوزنه «فعلال» ؛ [وعلى هذين القولين يترتب الخلاف في صرف «برهان» وعدمه ، إذا سمّي به.
ودلّت الآية على أن الدّليل على المدّعي ، سواء ادّعى نفيا ، أو إثباتا ، ودلّت على بطلان القول بالتقليد ؛ قال الشاعر : [السريع]
٧٣٩ ـ من ادّعى شيئا بلا شاهده |
|
لا بدّ أن تبطل دعواه (١)](٢) |
وقوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) يعني : في إيمانكم أي في قولكم : إنكم تدخلون الجنة ، أي : بينوا ما قلتم ببرهان.
قوله تعالى : (بَلى) فيه وجوه :
الأول : أنه إثبات لما نفوه من دخول غيرهم الجنة.
الثاني : أنه تعالى لما نفى أن يكون لهم برهان أثبت أن لمن أسلم وجهه لله برهانا.
الثالث : كأنه قيل لهم : أنتم على ما أنتم عليه لا تفوزون بالجنّة ، بل إن غيّرتم
__________________
(١) ينظر الرازي : ٤ / ٤.
(٢) سقط في ب.