وأما قوله : (وَيُزَكِّيهِمْ).
قال الحسن : يطهّرهم من شركهم (١).
وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : التزكية هي الطاعة والإخلاص (٢).
وقال ابن كيسان : يشهد لهم يوم القيامة بالعدالة إذا شهدوا هم للأنبياء بالبلاغ لتزكية المزكي للشهود.
وقيل : يأخذ زكاة أموالهم. ولما ذكر هذه الدعوات ، فتمّمها بالثناء على الله تعالى فقال : (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
و «العزيز» : هو القادر الذي لا يغلب ، و «الحكيم» : هو العليم الذي لا يجهل شيئا.
[واعلم أن «العزيز» و «الحكيم» بهذين التفسيرين صفة للذات ، وإذا أريد بالعزيز أفعال العزة وهو الامتناع من استيلاء الغير عليه ، وأراد بالحكمة : أفعال الحكمة ، لم يكن «العزيز» و «الحكيم» من صفات الذات ، بل من صفات الفعل ، والفرق بين هذين النوعين : أن صفات الذات أزلية ، وصفات الفعل ليست كذلك ، وصفات الفعل أمور سببية يعتبر في تحققها صدور الآثار عن الفعل ، وصفات الذات ليست كذلك.
فصل](٣)
[و](٤) قال الكلبي : العزيز المنتقم لقوله تعالى : (وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) [آل عمران :٤].
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : العزيز الذي لا يوجد مثله.
وقيل : المنيع الذي لا تناله الأيدي ، ولا يصل إليه شيء.
وقيل : القوي.
والعزّة القوة ، لقوله تعالى : (فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) [يس : ١٤] أي قوينا.
وقيل : الغالب ، لقوله : (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) [ص : ٢٣] أي غلبني ، ويقال : من عزيز أي من غلب.
واعلم أن مناسبة قوله : (أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) لهذا الدعاء هو أن العزيز هو القادر ، والحكيم هو العالم بوضع الأشياء في مواضعها ، ومن كان عالما قادرا فهو قادر على أن يبعث فيهم رسولا يعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٨٨) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (١ / ٢٥٥).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣ / ٨٨) عن ابن عباس.
(٣) سقط في ب.
(٤) سقط في أ.