وعلى كل تقدير فالجملة من قوله : «يا بني» وما بعدها منصوبة بقول محذوف على رأي البصريين ، أي : فقال يا بني ، وبفعل الوصية ؛ لأنها في معنى القول على رأي الكوفيين ، [قال النحاس : يا بني نداء مضاف ، وهذه ياء النفس لا يجوز هنا إلا فتحها ؛ لأنها لو سكنت لالتقى ساكنان ، وبمعناه (بِمُصْرِخِيَ) [إبراهيم : ٢٢] ونحوه](١). وقال الراجز : [الرجز]
٧٩٧ ـ رجلان من ضبّة أخبرانا |
|
إنّا رأينا رجلا عريانا (٢) |
بكسر الهمزة على إضمار القول ، أو لإجراء الخبر مجرى القول ، ويؤيد تعلّقها بالوصية قراءة ابن (٣) مسعود : «أن يا بني» ب «أن» المفسرة ولا يجوز أن تكون هنا مصدرية لعدم ما ينسبك منه مصدر.
قال الفراء : ألغيت «أن» لأن التوصية كالقول ، وكل كلام رجع إلى القول جاز فيه دخول «أن» وجاز إلغائها ، وقال النحويون : إنما أراد «أن» وألغيت ليس بشيء. ومن أبى جعلها مفسرة ـ وهم الكوفيون ـ يجعلونها زائدة.
و «يعقوب» علم أعجمي ولذلك لا ينصرف ، ومن زعم أنه سمّي يعقوب ؛ لأنه ولد عقب العيص أخيه ، وكانا توأمين ، أو لأنه كثر عقبه ونسله فقد وهم ؛ لأنه كان ينبغي أن ينصرف ، لأنه عربي مشتق.
ويعقوب أيضا ذكر الحجل ، إذا سمي به المذكر انصرف ، والجمع يعاقبة ويعاقيب ، و «اصطفى» ألفه عن ياء تلك الياء منقلبة عن «واو» ؛ لأنها من الصّفوة ، ولما صارت الكلمة أربعة فصاعدا ، قلبت ياء ، ثم انقلبت ألفا.
اصطفى : اختار.
قال الراجز : [الرجز]
٧٩٨ ـ يا ابن ملوك ورّثوا الأملاكا |
|
خلافة الله الّتي أعطاكا |
لك اصطفاها ولها اصطفاكا (٤) |
والدين : الإسلام.
و «لكم» أي لأجلكم ، والألف واللام في «الدين» للعهد ؛ لأنهم كانوا عرفوه.
__________________
(١) سقط في ب.
(٢) ينظر المحتسب : ١ / ١٠٩ ، الخصائص : ٢ / ٣٣٨ ، البحر المحيط : ١ / ٥٧١ ، الكشاف : ١ / ٣١٣ ، الدر المصون : ١ / ٣٧٦.
(٣) وبها قرأ أبي والضحاك. انظر المحرر الوجيز : ١ / ٢١٣ ، والبحر المحيط : ١ / ٥٧١ ، والدر المصون : ١ / ٣٧٦.
(٤) ينظر القرطبي : ٢ / ٩٣.