النسلان (١) ، وقرىء : يزفّون مبنيا للمفعول ويزفون كيرمون من زفاه بمعنى حداه كأن بعضهم يزفو بعضا لتسارعهم إليه (٢) ، وبين قوله : «فأقبلوا» وقوله (فَراغَ عَلَيْهِمْ) جمل محذوفة يدل عليها الفحوى أي فبلغهم الخبر ، فرجعوا من عيدهم ونحو هذا (٣).
قال ابن عرفة (٤) : من قرأ بالنصب (٥) فهو من زفّ يزفّ (ومن (٦) قرأ بالضم فهو من : أزفّ يزف) (٧). قال الزجاج : يزفون يسرعون ، وأصله من زفيف النعامة وهو من أشدّ (٨) عدوها.
قوله : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) لما عاتبوا إبراهيم على كسر الأصنام ذكر لهم الدليل الدال على فساد عبادتها فقال : (أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) ووجه الاستدلال : أن الخشب والحجر قبل النحت والإصلاح ما كان معبودا البتة فإذا نحته وشكله على الوجه المخصوص لم يحدث فيه الآثار تصرفه فلو صار معبودا عند ذلك لكان معناه أن الشيء الذي لم يكن معبودا إذا حصلت آثار تصرّفاته (٩) فيه صار معبودا (إلى (١٠) (ذلك)) ، وفساد ذلك معلوم ببديهة العقل.
قوله : (وَما تَعْمَلُونَ) في «ما» هذه أربعة أوجه :
أجودها : أنها بمعنى الذي أي وخلق الذي تصنعونه (١١) ، فالعمل هنا التصوير والنحت نحو : عمل الصانع السّوار الذي صاغه. ويرجح كونها بمعنى الذي تقدم «ما» قبلها فإنها بمعنى الذي أي أتعبدون الذي تنحتون والله خلقكم وخلق الذي تعملون (ه) (١٢) بالنحت (١٣).
__________________
ـ يعرفها. وقال الفراء : لا أعرفها أيضا إلا أن تكون لم تقع إلينا». المعاني ٢ / ٣٨٩.
(١) انظر : البحر المحيط ٧ / ٣٦٦ والدر المصون ٤ / ٥٦١ وانظر أيضا اللسان : «وزف» ٤٨٢٦.
(٢) لم ينسب أبو حيان ولا الزمخشري هاتين القراءتين في البحر ٧ / ٣٦٦ والكشاف ٣ / ٣٤٥ ونسب ابن منظور الأولى للأعمش ونسبها صاحب الشواذ لابن مقسم ونسب الثانية لابن أبي عبلة الشواذ ٢٠٦ ، وانظر معنى الثانية في الكشاف.
(٣) وهو ما يسمى بإيجاز الحذف. انظر : الدر المصون ٤ / ٥٦٢ ، ٥٦٣.
(٤) أبو عبد الله إبراهيم بن محمد الواسطي كان عالما بالحديث والعربية أخذ عن ثعلب والمبرد وغيرهما مات سنة ٣٣٣ انظر : نزهة الألباء ١٧٥ : ١٧٧.
(٥) يقصد نصب الياء.
(٦) ما بين القوسين سقط من ب.
(٧) وانظر : الرازي ٢٦ / ١٤٨.
(٨) في المعاني : ابتداء. وانظر : المعاني ٤ / ٣٠٩.
(٩) تصحيح من الرازي ففي النسختين تصرفاتي.
(١٠) ما بين القوسين الكبيرين سقط من ب وما بين القوسين الصغيرين سقط من أ. وانظر : الرازي ٢٦ / ١٤٩.
(١١) في ب : يصنعونه. وقال بموصولية ما الزمخشري في الكشاف ٣ / ٣٤٥ وأبو البقاء في التبيان ١٠٩١ ونقلها مكي في المشكل ٢ / ٢٣٩ ورجحه أبو حيان في البحر ٧ / ٣٦١ والسمين في الدر ٤ / ٥٦٣.
(١٢) الهاء سقطت من ب.
(١٣) وانظر المرجع الأخير السابق.