و «باليمين» متعلق «بضربا» إن لم تجعله مؤكدا وإلا فلعامله (١) ، واليمين يجوز أن يراد بها إحدى اليدين وهو الظاهر وأن يراد بها القوة (٢) ، فالباء (٣) على هذا للحال أي ملبسا (٤) بالقوة ، وأن يراد بها الحلف وفاء ، بقوله : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ)(٥) [الأنبياء : ٥٧] والباء على هذا للسبب (٦) ، وعدي «راغ» الثاني «بعلى» لما كان مع الضرب المستولي عليهم من فوقهم إلى أسفلهم بخلاف الأول فإنه مع توبيخ لهم ، وأتى بضمير العقلاء في قوله : «عليهم» جريا على ظن عبدتها أنها كالعقلاء(٧).
قوله (تعالى) : (يَزِفُّونَ) حال من فاعل «أقبلوا». و «إليه» يجوز تعلقه بما قبله أو بما بعده (٨) ، وقرأ حمزة يزفّون. بضم الياء (٩) من أزفّ. وله معنيان :
أحدهما : أنه من أزف يزفّ أي دخل في الزفيف (١٠). وهو الإسراع ، أو زفاف العروس ، وهو المشى على هيئة ؛ لأن القوم كانوا في طمأنينة من أمرهم ، كذا قيل. وهذا الثاني ليس بشيء ، إذ المعنى أنهم لما سمعوا بذلك بادروا مسرعين ، فالهمزة على هذا ليست للتعدية (١١).
والثاني : أنه من أزفّ غيره أي حمله على الزفيف وهو الإسراع ، أو على الزّفاف (١٢) ، وقد تقدم ما فيه ، وباقي السبعة بفتح الياء من زفّ الظليم (١٣) يزفّ أي عدا بسرعة (١٤). وأصل الزفيف للنعام. وقرأ مجاهد وعبد الله بن يزيد (١٥) والضحاك وابن أبي عبلة : يزفون من وزف يزف أي أسرع إلا أنّ الكسائيّ والفراء قالا لا نعرفها بمعنى زفّ (١٦). وقد عرفها غيرهما ، قال مجاهد ـ وهو بعض من قرأ بها ـ : الوزيف
__________________
(١) السمين ٤ / ٥٦٠.
(٢) الكشاف ٣ / ٣٤٥ والقرطبي ١٥ / ٩٤.
(٣) في ب : غالبا. وهو تحريف.
(٤) كذا في أوفي ب ملتبسا وهما قريبان.
(٥) أصنامكم سقط من ب.
(٦) بالمعنى من الكشاف ٣ / ٣٤٥ واللفظ من السمين ٤ / ٥٦٠.
(٧) السابق.
(٨) السابق أيضا.
(٩) من المتواتر انظرها في السبعة ٥٤٨ ومعاني الفراء ٢ / ٣٨٨ والكشاف ٣ / ٣٤٥ وحجة ابن خالويه ٣٠٢ والنشر ٢ / ٣٥٧.
(١٠) وأزف عن ابن الأعرابي وقال اللحياني : أزف بعد اللغتين اللسان ١٨٤٢.
(١١) البحر ٧ / ٣٦٦ والسمين ٤ / ٥٦١.
(١٢) الكشف ٢ / ٢٢٥ والكشاف ٣ / ٣٤٥ وقد تعرض للأول أيضا.
(١٣) ذكر النعام.
(١٤) وانظر السبعة ٥٤٨.
(١٥) هو عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن القرشي المقرىء البصري ثم المكي إمام كبير في الحديث ومشهور في القراءات ثقة روى الحروف عن عاصم ، وله اختيار في القراءة ينسب إليه. مات سنة ٢١٣ ه. انظر : طبقات القراء ١ / ٤٦٣ وانظر قراءته هو ومن تبعه في المختصر لابن خالويه ١٢٨ والمحتسب لابن جني ٢ / ٢٢١ والكشاف ٣ / ٣٤٥ والدر المصون ٤ / ٥٦١.
(١٦) قال في المعاني : «وقد قرأ بعض القراء يزفون بالتخفيف كأنه من وزف يزف ، وزعم الكسائي أنه لا ـ