وأما مع عدم الواو فيحتمل أن يكون جمعا (أيضا) وإنما حذفت الواو خطّا كما حذفت لفظا (١) ، وكثيرا ما يفعلون هذا يسقطون في الخطّ ما يسقط في اللفظ ، ومنه : (يَقُصُّ الْحَقَ)(٢) [الأنعام : ٥٧] ، في قراءة من قرأ بالضاد المعجمة ورسم بغير ياء ، وكذلك : (وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ) [المائدة : ٣]. ويحتمل أن يكون مفردا وحقه على هذا كسر اللام فقط لأنه عين منقوص وعين المنقوص مكسورة أبدا وحذفت اللام ـ وهي الياء ـ لالتقاء الساكنين نحو : هذا قاض البلد (٣) ، وقد ذكروا فيه توجيهين :
أحدهما : أنه مقلوب إذ الأصل صالي ثم صائل قدّموا اللام إلى موضع العين ، فوقع الإعراب على العين ثم حذفت لام الكلمة بعد القلب فصار اللفظ كما ترى ووزنه على هذا فاع ، فيقال على هذا : جاء صال ورأيت صالا ، ومررت بصال فيصير في اللفظ كقولك : هذا باب ورأيت بابا ، ومررت بباب(٤) ، ونظيره في مجرد القلب ، شاك ولاث في شائك ولائث ، ولكن شائك ولائث قبل القلب صحيحان فصارا به معتلين منقوصين بخلاف صالي فإنه قبل القلب كان معتلا منقوصا فصار به صحيحا(٥).
والثاني : أن اللام حذفت استثقالا من غير قلب (٦) ، وهذا عندي (٧) أسهل مما قبله وقد رأيناهم يتناسون اللام المحذوفة ويجعلون الإعراب على العين ، وقد قرىء : (وَلَهُ الْجَوارِ)(٨) [الرحمن : ٢٤] برفع الراء. (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ)(٩) برفع النون تشبيها بجناح وجانّ ، وقالوا : ما باليت به بالة ، والأصل بالية ، كعافية (١٠). وقد تقدم طرف من هذا عند قوله : (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ) فيمن قرأه برفع الشين (١١).
__________________
(١) وهو رأي قطرب كما قاله ابن جني في المحتسب ٢ / ٢٢٨ ونقله ابن الأنباري في البيان ٢ / ٣١٠.
(٢) وهي قراءة أبي عمرو وحمزة وابن عامر والكسائي. انظر : السبعة : ٢٥٩ والإتحاف ٢٠٩.
(٣) وانظر هذا وما قبله في الدر المصون ٤ / ٥٧٦.
(٤) انظر في هذا المرجع السابق وهو الدر المصون ٤ / ٥٧٥ و ٥٧٦ وانظر في القلب هذا البيان ٢ / ٣١٠ وإعراب النحاس ٤ / ٤٤٦ ومعاني القرآن للزجاج ٤ / ٣١٥ والتبيان ١٠٩٥ ومعاني الفراء ٢ / ٣٩٤ ، والكشاف ٣ / ٣٥٦.
(٥) الدر المصون ٤ / ٥٧٦.
(٦) البيان ٢ / ٣١٠ والكشاف ٣ / ٣٥٦ والدر المصون ٤ / ٥٧٦. وممن قال به أبو علي الفارسي فيما نقله عنه ابن جني في المحتسب ٢ / ٢٢٨ وانظر أيضا البحر ٧ / ٣٧٩.
(٧) الدر المصون السابق.
(٨) وهي قراءة الإمام الحسن وهي من الأربع فوق العشرة انظر : الإتحاف ٤٠٦ والسّمين ٤ / ٥٧٦.
(٩) السورة السابقة آية ٥٤ وانظرها في المرجع الأخير السابق والبحر ٧ / ٣٧٩.
(١٠) انظر : الكشاف ٣ / ٢٢٨ والبيان ٢ / ٣١٠.
(١١) [الأعراف : ٤١] وهي قراءة أبي رجاء. وانظر : المحتصر لابن خالويه ٤٣ وبين هناك أن مثل غواش وجوار يعرب بالحركات على الحرف قبل الأخير.