مالي؟ أبي بأس؟ فقال : وما ذاك؟ قال : خطبتُ إلى ابن أخيك فردَّني ، أما والله لأُعوِّرَنّ زمزم ، ولا أدع لكم مكرمة إلا هدمتها ، ولأقيمنَّ عليه شاهدين بأنه سرق ، ولأقطعنَّ يمينه. فأتاه العباس فأخبره ، وسأله أن يجعل الأمر إليه ، فجعله إليه (١).
ولا ريب في أن أعداء أمير المؤمنين عليهالسلام كانوا كثيرين ، وأن عمر كان قادراً على أن يجد في المنافقين والطلقاء والفسقة من يشهد زوراً على أمير المؤمنين عليهالسلام بالسرقة ، فيُقيم عليه حدّ السرقة ويقطع يده ، فيصير ذلك سُبّة وعاراً على علي عليهالسلام وأبنائه إلى قيام الساعة ، وبذلك لا يمكن أن يصل أمير المؤمنين عليهالسلام إلى الخلافة ، بل تُمحى كل فضائله من دواوين المسلمين ، وما روي منها لا يكون له أية قيمة ، وحينئذ لا يستطيع أهل الحق أن يستدلوا على حقّهم بدليل ، إلا ونقضه المخالفون بواقعة السرقة المزعومة.
فإذا جعلنا كل هذه الأمور في الاعتبار فلا مناص حينئذ لأمير المؤمنين عليهالسلام من أن يوافق على زواج عمر من ابنته راغماً مكرَهاً.
ومما قلناه يتضح أن المسألة ليست مردَّدة بين الشجاعة والضعف حتى يصح ما قاله الكاتب من أن أمير المؤمنين عليهالسلام هو أسد الله الغالب الذي لا يمكن قهره ، ولا يخاف في الله لومة لائم ، بل المسألة مرددة بين حفظ مقام الإمامة وبين حفظ ابنته من تزويجها بعمر.
ولا بأس بنقل ما أفاده الشيخ المفيد قدس الله نفسه الزكية في هذه المسألة ، حيث قال في جواب المسائل السروية : إن الخبر الوارد بتزويج أمير المؤمنين عليهالسلام ابنته من عمر لم يثبت ، وطريقه من الزبير بن بكار ، ولم يكن موثوقاً به في النقل ، وكان متَّهماً فيما يذكره من بغضه لأمير المؤمنين عليهالسلام وغير مأمون ، والحديث نفسه مختلف ، فتارة يروى أن أمير المؤمنين تولى العقد له على ابنته ، وتارة يروى عن العباس أنه تولى ذلك
__________________
(١) الكافي ٥ / ٣٤٦.