عنه ، وتارة يروى أنه لم يقع العقد إلا بعد وعيد من عمر وتهديد لبني هاشم ، وتارة يروى أنه كان عن اختيار وإيثار ، ثمّ بعض الرواة يذكر أن عمر أولدها ولداً سماه زيداً ، وبعضهم يقول : إن لزيد بن عمر عَقِباً. ومنهم من يقول : إنه قُتل ولا عَقِب له. ومنهم من يقول : إنه وأمّه قُتلا. ومنهم من يقول : إن أمّه بقيت بعده. ومنهم من يقول : إن عمر أمهر أم كلثوم أربعين ألف درهم. ومنهم من يقول : مهرها أربعة آلاف درهم. ومنهم من يقول : كان مهرها خمسمائة درهم. وهذا الاختلاف مما يبطل الحديث.
ثمّ إنه لو صحَّ لكان له وجهان لا ينافيان مذهب الشيعة في ضلال المتقدِّمين على أمير المؤمنين عليهالسلام : أحدهما : أن النكاح إنما هو على ظاهر الإسلام الذي هو الشهادتان ، والصلاة إلى الكعبة ، والإقرار بجملة الشريعة ، وإن كان الأفضل مناكحة من يعتقد الإيمان ، ويكره مناكحة من ضم إلى ظاهر الإسلام ضلالاً يخرجه عن الإيمان ، إلا أن الضرورة متى قادت إلى مناكحة الضال مع إظهاره كلمة الإسلام زالت الكراهة من ذلك ، وأمير المؤمنين عليهالسلام كان مضطراً إلى مناكحة الرجل ، لأنه تهدده وتواعده ، فلم يأمنه على نفسه وشيعته ، فأجابه إلى ذلك ضرورة ، كما أن [مع] الضرورة يشرع إظهار كلمة الكفر ، وليس ذلك بأعجب من قول لوط هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ (١) ، فدعاهم إلى العقد عليهم لبناته وهم كفّار ضلّال ، قد أذن الله تعالى في هلاكهم ، وقد زوَّج رسول الله صلىاللهعليهوآله ابنتيه قبل البعثة كافرين كانا يعبدان الأصنام ، أحدهما عتبة بن أبي لهب ، والآخر أبو العاص بن الربيع ، فلما بُعث صلىاللهعليهوآله فرَّق بينهما وبين ابنتيه (٢).
أقول : بعد ورود النصوص الصحيحة الدالة على وقوع هذا الزواج ، لا مناص من التسليم بوقوعه تبعاً لصريح النصوص ، ولهذا قال المجلسي قدسسره : إنكار المفيد رحمهالله
__________________
(١) سورة هود ، الآية ٧٨.
(٢) رسائل المفيد ، ص ٦١ ـ ٦٣ (عن بحار الأنوار ٤٢ / ١٠٧).