قال : فحدثني هشام بن الحكم وحماد عن زرارة قال : قلت في نفسي : شيخ لا علم له بالخصومة. قال : فقال لي : يا زرارة ما تقول فيمن أقرَّ لك بالحكم (١) أتقتله؟ ما تقول في خدمكم وأهليكم أتقتلهم؟ قال : فقلت : أنا والله الذي لا علم لي بالخصومة (٢).
قال المولى محمد صالح المازندراني :
الشرح : قوله : (عن عبد الرحمن بن الحجاج عن زرارة قال : قلت لأبي جعفر عليهالسلام : يدخل النار المؤمن؟ قال : لا والله. قلت : فما يدخلها إلا كافر؟ قال : لا إلا من شاء الله) أي لا يدخلها أحد غير كافر إلا من شاء الله أن يدخلها ، وهذا وسط بين المؤمن والكافر لما ستعرفه ، خلافاً لزرارة حيث ينفي الوسط بينهما ، وكأنه تمسَّك بقوله تعالى (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) ، وبقوله تعالى (فريق في الجنة وفريق في السعير) ، وفي دلالتهما على ذلك منع. قال : (فلما رددت عليه مراراً قال لي : أي زرارة إني أقول : لا ، وأقول : إلا من شاء الله. وأنت تقول : لا. ولا تقول : (إلا من شاء الله) المفهوم من قوله عليهالسلام : (إلا من شاء الله) أن غير الكافر قد يدخل النار ، وقد فُهم من قوله عليهالسلام : (لا والله) أن المؤمن لا يدخل النار ، فقد فُهم منهما أن هذا الغير ليس بمؤمن ولا كافر ، فهو وسط بينهما ، وإنما لم يأتِ عليهالسلام بعد قوله : (لا والله) بالاستثناء ، ولم يقل : (إلا ما شاء الله) لعدم احتماله ، إذ المؤمن لا يدخل النار قطعاً ، بخلاف قوله : (لا) في السؤال الثاني ، فإنه يجوز فيه الاستثناء ، فإن المستثنى منه المقدَّر في قول زرارة (فما يدخلها إلا كافر؟) ، وهو أحد يصدق بعد استثناء الكافر على المؤمن وغيره ، وغيره قد يدخل النار ، فلذلك استثناه بقوله : (إلا من شاء الله) ، وجوز دخوله في النار بمشيئة الله تعالى ، وأما زرارة فلما خصَّ المستثنى منه بالمؤمن ، ترك الاستثناء ولم يقل : (إلا ما شاء الله). ومما قرَّرنا ظهر أن مناط الفرق بين القولين هو هذا الاستثناء وتركه ، فإن الأول يوجب ثبوت الواسطة ، والثاني عدمه. (قال :
__________________
(١) في حاشية الكافي : أي يقول : أنا على مذهبك ، كلُّ ما حكمت عليَّ أنا أعتقده وأدين الله به.
(٢) الكافي ٢ / ٣٨٥.