ثمّ ذكر نحواً من ثلاثين ألفاً (١).
ومما ينبغي بيانه هاهنا أن الكتب السماوية التي في أيدي الناس لا ريب في كونها من كتب الضلال ، بسبب ما دخلها من التحريف ، وأما ما عند أهل البيت عليهمالسلام من كتب الأنبياء السابقين فهي وإن كانت منسوخة قد انتهى أمد العمل بها ، إلا أنها لا تشتمل على ضلال ، لأن الله سبحانه لا يقول إلا الحق ، ولا يُنْزل إلى الناس باطلاً.
قال صاحب الجواهر أعلى الله مقامه : ليس من كتب الضلال كتب الأنبياء السابقين ، ما لم يكن فيها تحريف ، إذ النسخ لا يُصيرها ضلالاً ، ولذا كان بعضها عند أئمتنا عليهمالسلام ، وربما أخرجوها لبعض أصحابهم ، بل ما كان منها مثل الزبور ونحوه من أحسن كتب الرشاد ، لأنها ليست إلا مواعظ ونحوها على حسب ما رأينا ، والله أعلم (٢).
قلت : وقد ورد مثل ذلك في بعض أحاديث أهل السنة ، فقد أخرج الآجري وغيره أن أبا ذر قال : قلت : يا رسول الله فما كانت صحف إبراهيم؟ قال : كانت أمثالاً كلها : (أيها الملك المتسلّط المبتلى المغرور ، إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ، ولكن بعثتك لتردّ عني دعوة المظلوم ، فإني لا أردّها ولو كانت من فم كافر. وكان فيها أمثال : وعلى العاقل أن يكون له ثلاث ساعات ، ساعة يناجي فيها ربّه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، يفكّر فيها في صنع الله عزوجل إليه ، وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب ، وعلى العاقل ألا يكون ظاعناً إلا في ثلاث : تزوُّد لمعاد ، ومرمَّة لمعاش ، ولذَّة في غير محرَّم ، وعلى العاقل أن يكون بصيراً بزمانه ، مقبلاً على شانه ، حافظاً للسانه ، ومن عَدَّ كلامه من عمله قلَّ كلامه إلا فيما يعينه). قال : قلت : يا رسول الله فما كانت صحف موسى؟ قال : كانت عِبَراً كلها : (عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف ينصب ، وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلّبها
__________________
(١) الفتن لنعيم بن حماد ، ص ٢٥١.
(٢) جواهر الكلام ٢٢ / ٦٠.