٤ ـ أن تلك الكتب مشتملة على مواعظ وعِبَر كما مرَّ روايته عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا محذور حينئذ في اقتنائها للانتفاع بما فيها من تلك المواعظ والعبر.
هذا مع أنهم رووا أن المهدي إنما سُمّي المهدي لأنه يُهدَى إلى أمر خفي ، ويستخرج التوراة والإنجيل من أرض يقال لها (أنطاكية).
ورووا أن المهدي يُخرج التوراة غضة ـ أي طرية ـ من أنطاكية (١).
فلما ذا لا يسأل الكاتب نفسه : ما ذا يصنع المهدي بالتوراة والإنجيل المنسوخين وعنده كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟!
ولما ذا يحكم بين أهل الإنجيل بإنجيلهم وأهل التوراة بتوراتهم ولا يحكم بينهم بحكم الإسلام؟
فإذا جاز ذلك للمهدي عليهالسلام الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً جاز بالأولوية لغيره من الخلفاء والأئمة الذين لم يكلَّفوا بما كُلّف به المهدي.
* * *
قال الكاتب : إني أشم رائحة أَيد خبيثة فهي التي دَسَّت هذه الروايات ، وكذبت على الأئمة ، وسيأتي إثبات ذلك في فصل خاص إن شاء الله.
وأقول : إن ادّعاء شم الروائح ليس دليلاً علميّا في أمثال هذه الأمور المهمة التي يترتب عليها إحقاق مذهب وإبطال مذهب آخر ، وإنما الدليل هو النصوص الصحيحة الثابتة بما لها من المعاني الصحيحة ، لا بما يفسِّرها مُغرِض أو يؤوِّلها مُفتِن.
والكاتب كما رأينا في كل كلامه السابق كان يتعقَّب الروايات الضعيفة ويحتج بها على الشيعة ، أو ينقل الروايات الصحيحة التي لا يعلم بصحَّتها ويدفعها بغير حجة صحيحة ، أو يفسِّرها تفسيراً خاطئاً ثمّ يحتج بها على الشيعة.
__________________
(١) نفس المصدر ، ص ٢٤٩ ، ٢٥٠.