فحنق لذلك مؤيَّد الدين بالثأر بسيف التتار من السُّنّة ، بل ومن الشيعة واليهود والنصارى (١).
هذا مع أن دور ابن العلقمي الذي ذكره ابن العبري المتوفى سنة ٦٨٥ ه ـ ، وهو ممن عاصر أحداث سقوط بغداد ، مختلف جداً عما ذكره بعض مؤرّخي أهل السنة.
فقد قال في كتابه (تاريخ مختصر الدول) : لما فتح هولاكو تلك القلاع ـ أي قلاع الإسماعيلية ـ أرسل رسولاً إلى الخليفة ، وعاتبه على إهماله تسيير النجدة ، فشاوروا الوزير ـ ابن العلقمي ـ فيما يجب أن يفعلوه ، فقال : لا وجه غير إرضاء هذا الملك الجبّار ببذل الأموال والهدايا والتحف له ولخواصه ، وعند ما أخذوا في تجهيز ما يسيرونه قال الدويدار الصغير وأصحابه : (إن الوزير إنما يدبِّر شأن نفسه مع التتار ، وهو يروم تسليمنا إليهم ، فلا تمكّنه من ذلك) ، فبطل الخليفة بهذا السبب تنفيذ الهدايا الكثيرة ، واقتصر على شيء نزر لا قدر له ، فغضب هولاكو وقال : (لا بد من مجيئه هو بنفسه أو يسيِّر أحد ثلاثة نفر : إما الوزير ، وإما الدويدار ، وإما سليمان شاه) ، فقدم الخليفة إليهم بالمضي فلم يركنوا ... فسير غيرهم فلم يجديا عنه (٢).
والذي يظهر أن اتّهام الوزير ابن العلقمي كان بسبب التحاسد واختلاف المذاهب بين ابن الخليفة والدويدار ، لا بسبب أن ابن العلقمي كاتب هولاكو وحرضه على غزو بغداد.
ومن الملاحظ أن الكاتب لم يعتمد على مصادر تاريخية موثّقة تُدِين ابن العلقمي إلا كتابات أهل السُّنة التي تناقلوها من غير توثيق ، والتي يظهر منها أنهم أرادوا باتهام ابن العلقمي الشيعي إلقاء تبعة سقوط خلافتهم على الشيعة بدلاً من الاعتراف بالتسبب فيها وتحمل تبعاتها.
ولو كان ابن العلقمي قد كاتب هولاكو كما يزعمون لأصبح له شأن بعد
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٢٣ / ٣٦٢.
(٢) تاريخ مختصر الدول ، ص ٢٦٩.