سقوط بغداد ، مع أنهم ذكروا أن ابن العلقمي مات بعد ذلك بثلاثة أشهر ، ومات أخوه قبله بأيام ، ومات ابنه محمد بعده (١).
كما أن من المستبعد جداً أن يحاول ابن العلقمي الثأر من أهل السنة بمكاتبة هولاكو لدخول بغداد من غير معاهدة بينهما على الكف عن الشيعة ، لأنا لم نرَ أحداً من مؤرخي أهل السنة ـ حتى غير المنصفين منهم ـ قد ذكر أن هولاكو عاهد ابن العلقمي على ذلك ، أو أن الذين قتلهم التتار كانوا من أهل السنة فقط.
ثمّ أين كانت جيوش الخلافة العباسية؟ وأين كان قوَّاد الجيش ورجالات الدولة؟ وكيف استطاع ابن العلقمي أن يعبث بعقول هؤلاء كلهم ، فيمكِّن هولاكو من دخول بغداد واحتلالها بدون أية مقاومة تذكر؟
كل هذا يؤكِّد أن ابن العلقمي كان بريئاً مما ألصقوه به من تُهم وافتراءات ، وأن سبب سقوط خلافتهم هو انغماس الخلفاء في المجون والشهوات ، وصيرورة أمور الخلافة بيد المماليك والأتراك والنساء والخدم.
وأما نصير الدين الطوسي قدسسره فلم أطَّلع على من اتّهمه منهم بالضلوع في الخيانة وتمكين التتار من الاستيلاء على بغداد كما اتّهموا العلقمي بذلك ، فلا أدري من أين جاء الكاتب بذلك؟!
نعم ذكر ابن كثير أنه كان مع هولاكو ، إلا أنه لم يذكر أن له ضلعاً في أحداث بغداد ، حيث قال : النصير الطوسي محمد بن عبد الله الطوسي ، كان يقال له : المولى نصير الدين ، ويقال : الخواجة نصير الدين ، اشتغل في شبيبته وحصَّل علم الأوائل جيداً ، وصنَّف في ذلك في علم الكلام ، وشرح الإشارات لابن سينا ، ووزر لأصحاب قلاع الألموت من الإسماعيلية ، ثمّ وزر لهولاكو ، وكان معه في واقعة بغداد ، ومن الناس من يزعم أنه أشار على هولاكو خان بقتل الخليفة ، فالله أعلم ، وعندي أن
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ٢٣ / ٣٦٢.