فقد آذاني (١).
قلت : والأحاديث الدالة على أن كثيراً من الصحابة كانوا يبغضون أمير المؤمنين عليهالسلام ويسبّونه وينتقصونه كثيرة جداً تفوق حد الحصر ، وإنكارها كإنكار الشمس في وضح النهار ، وما ذكرناه فيه كفاية وزيادة.
وعليه ، فيلزم الكاتب أن يطعن في كثير من أعلام أهل السنة الذين رووا أمثال هذه الأمور ، كما يلزمه أن يطعن فيمن روى ما هو أعظم من ذلك.
فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما ـ واللفظ للبخاري ـ بسندهما عن عائشة : أن فاطمة عليهاالسلام بنت النبي صلىاللهعليهوسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلىاللهعليهوسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك ، وما بقي من خمس خيبر ، فقال أبو بكر : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : (لا نُورَث ، ما تركنا صدقة ، إنما يأكل آل محمد صلىاللهعليهوسلم في هذا المال) ، وإني والله لا أغيِّر شيئاً من صدقة رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولأعملنَّ فيها بما عمل به رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً ، فوجدَتْ (٢) فاطمة على أبي بكر في ذلك ، قال : فهجرَتْه فلم تكلِّمه حتى تُوفِّيتْ ، وعاشت بعد النبي صلىاللهعليهوسلم ستة أشهر ، فلما تُوفِّيتْ دفنها زوجُها عليٌّ ليلاً ، ولم يُؤْذِنْ (٣) بها أبا بكر ، وصلَّى عليها ، وكان لعليٍّ من الناس وجه حياةَ فاطمة ، فلما تُوفِّيتْ استنكر عليٌّ وجوهَ الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ، ولم يكن يبايع تلك الأشهر ، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك. كراهةً لمحضر عمر ، فقال عمر : لا والله لا تدخل عليهم وحدك. فقال أبو بكر : وما عسيتهم أن
__________________
(١) الأحاديث المختارة ٣ / ٢٦٧. مسند أبي يعلى ١ / ٣٢٥. مجمع الزوائد ٩ / ١٢٩ قال الهيثمي : رواه أبو يعلى والبزار باختصار ، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح ، غير محمود بن خداش وقنان ، وهما ثقتان.
(٢) أي غضبت.
(٣) أي لم يخبر أبا بكر بالأمر.