المدَّعين أنهم من شيعتهم عليهمالسلام.
ولو سلمنا أن المراد بالحديث هو ذَمّ الشيعة فإن الذم المتوجِّه إليهم إنما هو بسبب عدم اقتدائهم بأئمة أهل البيت عليهمالسلام في سلوكهم وأفعالهم من الاستقامة والصلاح والتقوى والورع ، ولا يراد أنهم كانوا منحرفين عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام قولاً واعتقاداً.
وحال هذا الكلام حال من يقول : إن المسلمين اليوم لا يطبقون الإسلام ، ولا يعملون بالقرآن ، ولو امتحنتهم لوجدتهم كلهم مسلمين بالاسم فقط ، ولما خلص من الألف واحد.
وهو كلام يُراد به ذمّ المسلمين من جهة سلوكهم وأعمالهم ، لا من حيث اعتقادهم وأحكامهم ، ولا يراد به أنهم مبطلون وغيرهم محق.
* * *
قال الكاتب : وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : (يا أشباه الرجال ولا رجال ، حُلوم الأطفال ، وعقول رَبَّات الحِجال ، لوددتُ أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة حزتُ والله ندماً ، وأعتبت صدماً (١) ... قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحاً ، وشحنتم صدري غيظاً ، وجَرَّعْتُموني نغب التهام (٢) أنفاسنا ، وأفسدتم عَلَيّ رأيي بالعصيان والخذلان ، حتى لقد قالت قريش : إن ابن أبي طالب رجل شجاع ، ولكن لا علم له بالحرب ، ولكن لا رأي لمن لا يُطاع) نهج البلاغة ٧٠ ، ٧١.
وقال لهم مُوَبِّخا : مُنِيتُ بكم بثلاث ، واثنتين :
__________________
(١) في نهج البلاغة ، ص ٥٨ خطبة رقم ٢٧ : (ولم أعرفكم معرفة والله جرَّتْ نَدَماً ، وأعقبتْ سدماً). أي أعقبت همّا مع أسف أو غيظ.
(٢) في نهج البلاغة : (نُغَب التهمام أنفاسا). أي جُرَع الهَم.