أتباعهم بالقول والفعل ، لا بالادِّعاء فقط.
وعليه فالمراد بالحديث هو أني (لو ميَّزتُ) أي لو أردت أن أَفْصِل (شيعتي) أي الذين يزعمون أنهم من شيعتنا وأتباعنا ـ وهم ليسوا كذلك ـ عن غيرهم ممن شايعنا حقيقة ، (لما وجدتُهم إلا واصفة) أي لما وجدتُ هؤلاء شيعة لنا ، بل وجدتهم واصفين أنفسهم بمشايعتنا ومُدَّعين لها ، مع أنهم ليسوا كذلك ، لأنهم لا يعتقدون بإمامتنا ، ولا يقتدون بنا ، لا في أقوالنا ولا في أفعالنا.
(ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين) أي لو أني امتحنتُ هؤلاء الذين يزعمون أنهم لنا شيعة ، بأن ذكرتُ لهم مذهب أئمة أهل البيت عليهمالسلام وما يجب عليهم من الاعتقاد والعمل ، لما وجدتهم إلا مُنكِرين علينا مذهبنا ، وتاركين ادّعاء التشيع لنا ، وراجعين عن القول بموالاتنا ومحبَّتنا.
(ولو تمحَّصتُهم لما خلص من الألف واحد) ، أي لو أني محَّصتُ هؤلاء بالامتحان ، وأمرتُهم ببذل المال من أجلنا ، والتضحية بالنفس في سبيلنا لما خلص منهم أحد ، لأنهم يدَّعون التشيع لنا من دون أن يكونوا لنا شيعة حقيقة.
ويدل على ما قلناه من معنى الحديث قوله عليهالسلام بعد ذلك : (ولو غربلتُهم غربلة لم يبقَ منهم إلا ما كان لي ، إنهم طالما اتّكوا على الأرائك ، فقالوا : «نحن شيعة علي» ، إنما شيعة علي من صدق قولَه فعلُه).
أي لو أني اختبرتهم لوجدتهم يتَّبعون غيرنا ويوالون أعداءنا ، ولم يبق مِن هؤلاء الذين يدَّعون التشيع لنا إلا شيعتنا الذين يوالوننا ويأخذون بقولنا ويقتدون بنا ، وأما المدَّعون الذين يوالون غيرنا فهؤلاء ليسوا من شيعتنا ، لأن شيعة علي عليهالسلام هم الذين شايعوا عليّا وأهل بيته عليهمالسلام بالقول والفعل ، لا بالقول دون الفعل.
ومنه يتضح أن كلام الإمام عليهالسلام ـ لو صحَّ الحديث ـ ليس ناظراً للشيعة الذين يعتقدون بإمامتهم ويوالونهم حقيقة ، وإنما أراد عليهالسلام أن ينفي تشيع أهل الخلاف