وأحاديث الأمر بالكتمان كثيرة ، وإليك بعضاً منها :
فقد روى الكليني رحمهالله في الحديث الصحيح عن أبي عبيدة الحذاء ، قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : والله إن أحب أصحابي إليَّ أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا ، وإن أسوأهم عندي حالاً وأمقتهم لَلّذي إذا سمع الحديث يُنسب إلينا ويُروى عنا فلم يقبله اشمأزَّ منه وجحده ، وكفَّر من دان به ، وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج ، وإلينا أُسند ، فيكون بذلك خارجاً عن ولايتنا (١).
وفي صحيحة محمد بن أبي نصر قال : ... قال أبو جعفر عليهالسلام : في حكمة آل داود : ينبغي للمسلم أن يكون مالكاً لنفسه ، مقبلاً على شأنه ، عارفاً بأهل زمانه ، فاتقوا الله ولا تذيعوا حديثنا ... (٢).
وفي خبر معلى بن خنيس قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : يا معلى اكتم أمرنا ولا تذعه ، فإنه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزَّه الله به في الدنيا ، وجعله نوراً بين عينيه في الآخرة ، يقوده إلى الجنة ، يا معلى من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذلَّه الله به في الدنيا ، ونزع النور من بين عينيه في الآخرة ، وجعله ظلمة تقوده إلى النار ، يا معلى إن التقية من ديني ودين آبائي ، ولا دين لمن لا تقية له ، يا معلى إن الله يحب أن يُعبد في السِّر كما يحب أن يُعبد في العلانية ، يا معلى إن المذيع لأمرنا كالجاحد له (٣).
وفي خبر زيد الشحام ، قال : قال أبو عبد الله عليهالسلام : أُمر الناس بخصلتين فضيَّعوهما ، فصاروا منهما على غير شيء : الصبر والكتمان (٤).
إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الدالة على أن الأئمة عليهمالسلام كانوا يبيحون أسرارهم لشيعتهم ، ويأمرونهم بكتمانها عن غير أهلها.
__________________
(١) أصول الكافي ٢ / ٢٢٣. وسائل الشيعة ١٨ / ٦١.
(٢) أصول الكافي ٢ / ٢٢٤. وسائل الشيعة ١١ / ٤٩٢.
(٣) أصول الكافي ٢ / ٢٢٣. وسائل الشيعة ١١ / ٤٨٥.
(٤) أصول الكافي ٢ / ٢٢٢. وسائل الشيعة ١١ / ٤٨٤.