ما أرد عليه من أمر آخرتي. فقال أبو عبد الله عليهالسلام : يا أبا محمد وإنك لتقول هذا؟! قال : جعلت فداك وكيف لا أقول هذا؟! فقال : يا أبا محمد أما علمت أن الله تعالى يكرم الشباب منكم ، ويستحيي من الكهول؟ قال : قلت : جعلت فداك فكيف يكرم الشباب ويستحيي من الكهول؟ فقال : يكرم الله الشباب أن يعذِّبهم ، ويستحيي من الكهول أن يحاسبهم. قال : قلت : جعلت فداك هذا لنا خاصة أم لأهل التوحيد؟ قال : فقال : لا والله إلا لكم خاصة دون العالم. قال : قلت : جعلت فداك فإنا قد نُبِزْنا نبزاً (١) انكسرت له ظهورنا ، وماتت له أفئدتنا ، واستحلتْ له الولاة دماءنا في حديث رواه لهم فقهاؤهم. قال : فقال أبو عبد الله عليهالسلام : الرافضة؟ قال : قلت : نعم. قال : لا والله ما هم سمَّوكم ، ولكن الله سمَّاكم به ، أما علمت يا أبا محمد أن سبعين رجلاً من بني إسرائيل رفضوا فرعون وقومه لما استبان لهم ضلالهم ، فلحقوا بموسى عليهالسلام لما استبان لهم هداه ، فسُمُّوا في عسكر موسى الرافضة ، لأنهم رفضوا فرعون ، وكانوا أشد أهل ذلك العسكر عبادة ، وأشدَّهم حبّاً لموسى وهارون وذريتهما عليهماالسلام ، فأوحى الله عزوجل إلى موسى عليهالسلام : أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة ، فإني قد سمَّيتهم به ونحلتهم إياه. فأثبت موسى عليهالسلام الاسم لهم ، ثمّ ذخر الله عزوجل لكم هذا الاسم حتى نحلكموه ، يا أبا محمد رفضوا الخير ورفضتم الشر ، افترق الناس كل فرقة ، وتشعبوا كل شعبة ، فانشعبتم مع أهل بيت نبيكم صلىاللهعليهوآله ، وذهبتم حيث ذهبوا ، واخترتم من اختار الله لكم ، وأردتم من أراد الله ، فأبشروا ثمّ أبشروا ، فأنتم والله المرحومون المتقبَّل من محسنكم ، والمتجاوَز عن مسيئكم ، من لم يأت الله عزوجل بما أنتم عليه يوم القيامة لم يتقبل منه حسنة ، ولم يتجاوز له عن سيئة ، يا أبا محمد فهل سررتُك؟ قال : قلت : جعلت فداك زدني. فقال : يا أبا محمد إن لله عزوجل ملائكة يُسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما يُسقِط الريح الورق في أوان سقوطه ، وذلك قوله عزوجل (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ...
__________________
(١) أي لقَّبونا بلقب أوقعنا في الضرر.