غير اليقين بوجوده المضاف إلى فرد آخر ، فإذا فرضنا القطع بارتفاع الفرد الّذي تحقّق الكلّي في ضمنه ، والمضاف إليه الكلّي ـ وهو زيد ـ نقطع أيضا بارتفاع طبيعي الإنسان المضاف إليه ، فما كان متيقّنا ـ وهو الوجود الطبيعي المضاف إلى زيد ـ قد ارتفع قطعا ، وما نحتمل وجوده ـ وهو وجوده المضاف إلى فرد آخر مقارنا للأوّل وجودا أو ارتفاعا ـ فهو أمر آخر مغاير لما كنّا على يقين منه ، والاستصحاب ليس إلّا إبقاء ما كان عملا على النحو الّذي كان.
وبهذا البيان ظهر عدم تماميّة ما أفاده الشيخ قدسسره من أنّ وجود الفرد سبب للعلم بوجود الكلّي ، فبوجود زيد في الدار علمنا بوجود الإنسان فيها ، فإذا احتملنا وجود عمرو أيضا فيها مقارنا لوجود زيد ، فبارتفاع وجود زيد وخروجه لا نقطع بارتفاع وجود الإنسان ، وخلوّها عن الإنسان ، بل بعد نحن على شكّ من ذلك فنستصحب بقاءه (١) ، فإنّ العلم بوجود فرد من الإنسان ك «زيد» ليس سببا للعلم بوجود طبيعي الإنسان على الإطلاق ، بل هو سبب للعلم بوجوده مضافا إلى زيد ، ومن الواضح أنّ هذا العلم يرتفع بالعلم بارتفاع وجود المضاف إليه ، فالإنصاف أنّ مثل هذا لم يكن مترقّبا من مثل الشيخ قدسسره المؤسّس لهذه القواعد.
ثمّ إنّ شيخنا الأستاذ وصاحب الكفاية قدسسرهما ذكرا أنّ الاستصحاب في القسم الثاني من القسم الثالث جار إذا كان الحادث المحتمل مرتبة أخرى من مراتب المعلوم ارتفاعه ، كما إذا احتملنا قيام السواد الضعيف مقام السواد الشديد عند ارتفاعه ، وذلك لأنّ اختلاف المراتب في الشدّة والضعف لا يوجب اختلافا في الوجود لا حقيقة ولا عرفا ، ضرورة أنّ المرتبة الضعيفة
__________________
(١) فرائد الأصول : ٣٧٢.