أمور ثلاثة ولا رابع لها كما تقدّم :
الأوّل : الشكّ في مقام الجعل من جهة احتمال النسخ ، ولا شكّ في جريان الاستصحاب في هذا القسم ، ولا تعتبر فيه فعليّة الموضوع كما لا تعتبر في أصل مقام الجعل ، فكما لا يعتبر وجود زان خارجا لجعل وجوب جلده ثمانين جلدة بقوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ)(١) كذلك عند احتمال نسخ هذا الحكم لا يعتبر وجود الموضوع ، بل يستصحب هذا الحكم على نحو ثبوته. ولا فرق في ذلك بين الحكم التنجيزي والتعليقي ، فتستصحب أيضا حرمة عصير العنب على تقدير غليانه عند احتمال النسخ.
الثاني : الأمور الخارجيّة ، كاحتمال إصابة المطر لما علمنا بنجاسته. وهذا أيضا ممّا لا ريب فيه.
الثالث : الشكّ في مقام الجعل من غير جهة احتمال النسخ ، بل من جهة الشكّ في سعة دائرة الجعل وضيقها كالشكّ في نجاسة الماء المتغيّر ، بعد زوال تغيّره ، فإنّ منشأه الجهل بأنّ المجعول هو نجاسة الماء المتغيّر ما دام متغيّرا أو أنّه نجاسته ولو زال عنه التغيّر ، ولا مانع من الاستصحاب في هذا القسم أيضا بناء على جريانه في الأحكام الكلّيّة ، ومورد الاستصحاب التعليقي هو هذا القسم ، فإنّ الشكّ في بقاء حرمة عصير العنب على تقدير غليانه عند صيرورته زبيبا ليس من جهة احتمال النسخ ، ولا من جهة الأمور الخارجيّة بعد العلم بمقدار المجعول ، بل الشكّ في بقاء حرمته التقديريّة في الحالة الثانية من جهة الشكّ في مقدار المجعول ، وأنّه هل هو الحرمة في حال عنبيته فقط أو فيها وفي
__________________
(١) النور : ٢.