وممّا تخيّل ابتناؤه على القول بالأصل المثبت ما ذكروه فيما إذا جنى أحد على أحد فمات المجنيّ عليه وادّعى الوارث أنّه مات بالسراية والجاني أنّه شرب السمّ وموته مستند إليه ، من أنّ الاحتمالين متساويان ، أي احتمال الموت بالسراية وشرب السمّ ، والأصلين متعارضان ، أي أصالة عدم سراية الجناية وعدم تحقّق سبب ضمان الدّية ، وأصالة عدم شرب السمّ. ويلحق بذلك الفرع السابق ، وهو ما إذا قدّ المريض نصفين.
والتحقيق : أنّ الموضوع في الفرعين إن كان بسيطا ـ وهو عنوان القتل ـ فلا يكاد يمكن إحرازه باستصحاب عدم شرب السمّ ، مضافا إلى أنّه معارض باستصحاب عدم تحقّق سبب ضمان دية النّفس ، أو بقاء الحياة إلى زمان القدّ في الفرع الثاني مع أنّه أيضا معارض.
وإن كان مركّبا من الجناية وعدم شرب السمّ في الأوّل ، ومن القدّ والحياة في الثاني ، فباستصحاب عدم شرب السمّ وبقاء الحياة وضمّه إلى الوجدان يلتئم الموضوع ، ولا تصل النوبة إلى استصحاب عدم تحقّق سبب ضمان دية النّفس أو سبب جواز القصاص ، فإنّ الشكّ فيه مسبّب عن الشكّ في شرب السمّ وبقاء الحياة ، فإذا جرى الاستصحاب السببي يزول الشكّ المسبّبي.
ومن الموارد المذكورة : ما إذا كان مال أحد تحت يد آخر ، وادّعى المالك أنّ يده يد ضمان ، وادّعى الآخر أنّ يده يد مجّان ، فقدّموا قول المالك ، وحكموا بالضمان (١). ويتفرّع عليه فروع :
منها : ما إذا ادّعى المالك أنّه غصب ، والآخر أنّه مأذون في التصرّف.
ومنها : ما إذا ادّعى المالك أنّه باعه ، وادّعى الآخر أنّه وهبه.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٢٢.