فإن أراد أن يجعل الاستصحاب حجّة فيما بينه وبين الله ، فحقيق بأن يقال : إنّه أوهن من بيت العنكبوت.
أمّا استصحاب نبوّة موسى عليهالسلام : فلما ذكر من اعتبار أمور أربعة في جريان الاستصحاب ، وليس في هذا الاستصحاب إلّا اليقين والشكّ ، حيث إنّ اعترافه بالشكّ في انتهاء أمد نبوّة موسى عليهالسلام ـ مع كونها ممّا يطلب فيها اليقين ـ اعتراف بعدم وجود أثر للمستصحب. ثمّ على فرض وجود أثر له لا دليل على حجّيّة الاستصحاب في شريعته.
وأمّا استصحاب الأحكام : فلا أثر له أيضا ، لأنّ الشبهة حكميّة ، والاستصحاب أصل لا يجري إلّا بعد الفحص واليأس عن الظفر بالدليل ، وبالفحص يحصل له العلم بنسخ جملة منها. هذا مضافا إلى عدم الدليل في شريعته عليهالسلام على حجّيّة الاستصحاب.
وإن أراد إلزام المسلم فلا يوجد شيء من الأمور الأربعة في استصحاب النبوّة :
أوّلا : لعدم يقين المسلم بنبوّة موسى عليهالسلام وسائر النبوّات إلّا من طريق الإسلام ، ولولاه لأمكنت المناقشة في جميعها ، لعدم اقترانها بمعجزة باقية كنبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، وهذا مضمون ما ذكره أبو الحسن مولانا الرضا عليهالسلام في جواب الجاثليق (١) ، ولا يحتاج إلى تأويل.
ولا يرد على ظاهره ما أورده الشيخ قدسسره من أنّ موسى بن عمران شخص واحد وجزئي حقيقي اعترف المسلمون وأهل الكتاب بنبوّته (٢) ، وذلك لأنّ هذا الشخص الخاصّ لا ريب في وجوده وإنّما الإشكال في نبوّته لو لا ثبوتها بطريق
__________________
(١) الاحتجاج ٢ : ٤٠٤ ، وعنه في البحار ١٠ : ٣٠٢.
(٢) فرائد الأصول : ٣٩١.