دالّ على طهارة ما يغسل به ، إذ جعل الطهارة للماء ظاهرا مع عدم ترتّب شيء من آثار الطهارة الواقعيّة عليه من رافعيته للحدث والخبث لغو محض ، فدليل الأصل السببي في مثل هذا الفرض بمدلوله اللفظي ناظر إلى دليل الأصل المسبّبي وأنّ معلوم النجاسة يطهر بغسله بالماء المشكوك الطهارة.
فتلخّص : أنّ الأصل السببي ولو كان أضعف الأصول يتقدّم على الأصل المسبّبي ولو كان من أقواها ، وهذا نظير ما مرّ مرارا من أنّ ظهور القرينة ـ ولو كان أضعف الظهورات ـ مقدّم على ظهور ذيها ، وتقدّم أصالة الطهارة في الماء ـ المقتضية لطهارة الثوب الّذي غسل به ـ على استصحاب نجاسة الثوب بعينه من قبيل تقدّم ظهور «يرمي» على ظهور «أسد».
وتوهّم أنّ استصحاب نجاسة الثوب أيضا من آثاره نجاسة الماء قبل الغسل ، فأصالة الطهارة في الماء تقتضي طهارة الثوب ، واستصحاب النجاسة في الثوب أيضا يقتضي نجاسة الماء قبل الغسل ، فما وجه تقديم الأوّل على الثاني؟ واضح الدفع ، إذ نجاسة الماء من اللوازم العقليّة للتعبّد بنجاسة الثوب بخلاف العكس.
هذا ، مضافا إلى أنّه لا يلتفت إلى مثل ذلك بعد كون دليل أصالة الطهارة ناظرا إلى دليل الاستصحاب ، كما لا ينظر إلى ظهور «أسد» في الحيوان المفترس ، الملازم لكون المراد من «يرمي» هو رمي التراب لا رمي النبل ، لأنّ قرينة «يرمي» ـ الظاهر في رمي النبل ـ ناظرة ومبيّنة لما هو المراد من لفظ «أسد».
هذا ، وقد ذكر شيخنا الأستاذ (١) قدسسره وغيره وجوها أخر لتقدّم الأصل
__________________
(١) انظر : أجود التقريرات ٢ : ٤٩٥ ـ ٤٩٨.