كون أحدهما رافعا لموضوع الآخر.
وأحسن ما قيل في وجه التقدّم هو ما أفاده صاحب الكفاية (١) من أنّ الاستصحاب في الشكّ السببي ، وشمول دليله له ، لتماميّة أركانه بلا محذور ، وهذا بخلاف شموله للشكّ المسبّبي ، فإنّ شموله له مستلزم لعدم شموله للشكّ السببي ، إذ معه لا يبقى للأصل المسبّبي موضوع ، ويخرج عن بحث دليل الاستصحاب تخصيصا.
وعدم شمول دليل الاستصحاب للشكّ السببي مع تحقّق اليقين والشكّ وجدانا إمّا بلا وجه أو على وجه دوري ، إذ عدم الشمول جزافا بلا وجه ، ومن جهة الشمول للشكّ المسبّبي دور واضح.
وتوهّم أنّ الحكومة لا بدّ وأن تكون بين الدليلين حتى يكون أحدهما ناظرا إلى الآخر وشارحا لمدلوله ، وهذا المعنى لا يعقل في دليل الاستصحابين ، مثل «لا تنقض» فإنّه دليل واحد ينحلّ إلى أحكام عديدة لا إلى أدلّة متعدّدة ، مدفوع بأنّ الحكومة لا تنحصر فيما ذكر ، بل منها ما يكون أحد الدليلين رافعا لموضوع الآخر ، والمقام من هذا القبيل ، وهو لا يتوقّف على التعدّد ، كما لا يخفى.
هذا كلّه فيما إذا كان الأصل السببي أصلا تنزيليّا ، كالاستصحاب ، وأمّا إن كان مثل قاعدة الطهارة ـ كما إذا غسلنا ثوبنا بالماء المشكوك الطهارة والنجاسة ولم تكن له حالة سابقة ، فإنّ الأصل السببي هنا هو أصالة الطهارة لا استصحابها ـ فهو حاكم على الأصل المسبّبي بالمعنى الآخر من الحكومة غير كونه رافعا لموضوع الآخر ، وهو أنّ دليل طهارة الماء ظاهرا بمدلوله المطابقي
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤٩٠ ـ ٤٩١.