المقارنة ، فلا تجري قاعدة الفراغ إذا شكّ فيها ، لعدم صدق المضيّ ، فلا وجه لما قيل من أنّه إذا كان الماء عنده ، يتوضّأ ويتمّ صلاته ، لما عرفت من أنّها شرط للعمل حتى في السكونات المتخلّلة ، فلا يفيد إحراز الشرط بقاعدة الفراغ فيما مضى من الأجزاء ، وبالوجدان فيما يأتي ، للزوم إحرازه في هذا السكون المتخلّل بينهما.
وربما يقال بأنّ الطهارة وإن كانت من الشرائط المقارنة إلّا أنّها مسبّبة شرعا عن الغسلات والمسحات ، فلا مانع من جريان القاعدة بالنسبة إلى سببها ، فإنّ محلّه الشرعي قبل الصلاة ، كما يستفاد من قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)(١) إلى آخر الآية.
لكن لا يخفى ما فيه ، فإنّ سببها ليس له محلّ شرعي ، بل حيث لا يمكن عقلا إتيان الصلاة مع الطهارة بدون إيجاد سببها قبل الصلاة ، فلا بدّ من تحصيله قبل الصلاة فليس له محلّ شرعي بل محلّه عقلي ولا اعتبار به ولا بالمحلّ العادي ، وإلّا يلزم تأسيس فقه جديد كما قيل.
وتوهّم أنّ مقتضى التعليل بالأذكريّة اعتبار المحلّ العادي والعقلي أيضا مدفوع بأنّ التعدّي عن مورد العلّة إنّما يكون فيما يناسبه ويسانخه لا مطلقا ، ضرورة أنّه لا يتعدّى عن تعليل «لا تأكل الرمّان» بأنّه حامض إلى مطلق استعمال الحامض بل يتعدّى إلى أكل كلّ حامض ، والتعليل في المقام لعدم الاعتناء تعليل بالشكّ فيما مضى من أجزاء الوضوء وغيرها من المقدّمات الداخليّة ، فلا بدّ من التعدّي عنه إلى الشكّ فيما مضى من الأجزاء أو المقدّمات الداخليّة في كلّ مركّب وضوءا كان أو غيره ، ولا يجوز التعدّي حتى إلى ما هو خارج عن
__________________
(١) المائدة : ٦.