المقطوع ، وبخلاف العلم ، فإنّه الانكشاف في مقابل الجهل والظلمة ، وليس لمقابل اليقين لفظ خاصّ يعبّر عنه ، بل مقابله مطلق الأمر الّذي لا ثبوت ولا استمساك له من الشكّ أو الظنّ اللذين يزولان بأدنى شيء.
ولفظ «النقض» (١) لا يسند إلّا إلى ما له ثبوت واستمساك ، كالعهد والبيعة ، ولذا لا يصحّ إسناده إلى العلم والقطع بأن يقال : لا تنقض العلم أو القطع ، فالعناية المصحّحة لإسناد النقض إلى اليقين ما ذكرنا من أنّه أخذ في معنى اليقين الإبرام والاستمساك.
فحينئذ نقول : إذا كان اليقين مقتضيا للجري والعمل على طبقه لو لا الشكّ كاليقين بالطهارة واليقين بالزوجيّة الدائميّة ـ فإنّا لو فرضنا عدم الشكّ في البقاء ، لكانت الطهارة والزوجيّة باقيتين في عمود الزمان إلى الأبد ، فإنّ شيئا منهما غير محدود بحدّ زماني ، وهكذا الشكّ في تحقّق الغاية في الشبهة الموضوعيّة كالشكّ في تحقّق غاية وجوب الصبح ـ وهي طلوع الشمس ـ من جهة الأمور الخارجيّة ـ فنقض مثل هذا اليقين منحصر بالشكّ ، إذ لولاه لكان المتيقّن عاملا بيقينه بحسب جبلّته.
وأمّا إذا لم يكن اليقين كذلك ، بل كان بحيث لو فرض محالا عدم وجود الشكّ أيضا ، لما كان باقيا إلى الأبد ، بل كان من أوّل الأمر مقتضيا للجري في أمد خاصّ ، وهذا كخيار الغبن ممّا لا يعلم أنّه مرسل أو محدود في عمود الزمان ، أو
__________________
(١) أقول : لزوم تعلّق النقض على شيء خاصّ كأن يكون له ثبوت واستمساك غير صحيح. نعم ، كثيرا ما يكون الأمر كذلك لكن كثرة الاستعمال غير كون مفهومه كذلك ، بل استعماله في بعض الموارد غير صحيح ولو كان ما أسند إليه مستمسكا كالحديد ، فإنّه لا يصحّ أن يقال : انقض الحديد ، فليس كلّ ما كان مستمسكا كان استعمال النقض بالنسبة إليه صحيحا ، وكذا ليس كلّ ما ليس له استمساك أن يكون استعماله فيه غير صحيح ، بل تختلف الموارد. (م).