القسم الثاني : ما إذا جهل اتّفاق النظرين واختلافهما.
القسم الثالث : ما إذا علم اختلاف النظرين إمّا بنحو التداخل بأن يرى أحدهما وجوب السورة والآخر استحبابها ، فإنّه يمكن أن يأتي بها استحبابا ، أو بنحو التباين بأن يرى الشاكّ وجوب الجهر في صلاة الجمعة مثلا ، والفاعل وجوب الإخفات فيها ، أو يرى أحدهما وجوب القصر في مورد ، والآخر وجوب الإتمام فيه.
أمّا الصورة الأولى : فلا ينبغي الشكّ في عدم جريان أصالة الصحّة فيها مطلقا ، للقطع بعدم جريان السيرة ـ التي هي عمدة الأدلّة ـ في المقام ، ولا أقلّ من الشكّ ، إذا لم يثبت ترتيب آثار الصحّة على فعل تحتمل صحّته بمجرّد الصدفة الخارجيّة ، إذ المفروض أنّ الفاعل لجهله لا يقدم على الصحيح ، ولو وقع صحيحا ، فإنّما هو من باب الصدفة والاتّفاق ، مع أنّ التعليل ـ الّذي علّل به جماعة على ما ذكره الشيخ (١) قدسسره حجّيّة أصالة الصحّة من أنّ ظاهر حال المسلم أن يأتي بالعمل صحيحا ـ لا يجري في هذه الصورة أيضا ، إذ ليس ظاهر حال الجاهل بالصحيح الإقدام عليه.
وأمّا الصورة الثانية : فقد تنظّر الشيخ قدسسره في جريان أصالة الصحّة فيها (٢).
لكنّ الظاهر أنّه لا ينبغي الإشكال في جريانها فيها ، إذ أكثر موارد أصالة الصحّة إنّما هو هذه الصورة ، ولولاها للزم العسر الشديد والحرج الأكيد.
وأمّا الصورة الثالثة : فلا ينبغي الإشكال في الجريان في القسم الأوّل منها ، وهو مورد اتّفاق النظرين : نظر الشاكّ ونظر الفاعل ، إذ هو القدر المتيقّن
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤١٦.
(٢) فرائد الأصول : ٤١٧.