أمّا ما كان من العناوين القصديّة فهو كنوع الصلوات ، فإنّ امتياز بعضها عن بعض ليس إلّا بالقصد ، إذ ما لم يقصد الظهر أو الأداء أو الصلاة عن الميّت لا يمتاز عن العصر والقضاء والصلاة عن نفسه.
وأمّا ما لم يكن كذلك فهو كغسل الثوب ، فإنّه لا دخل لقصد التطهير في حصول الطهارة به.
فلا تجري أصالة الصحّة في فعل لا يعلم أنّه صلاة النافلة أو الفريضة اليوميّة ، ولا يجوز الاقتداء بفاعله ، وأيضا لا يجوز الاكتفاء بفعل من نرى أنّه واقف بهيئة المصلّي على الميّت ولا نعلم أنّه قصد الصلاة عنه أو لا ، وهكذا لا يحكم بطهارة ثوب نجس رأينا أنّ مسلما يغسله واحتملنا أنّه لم يكن في مقام التطهير بل كان في مقام إزالة القذارة العرفيّة وأراد تطهيره بعد ذلك. وكلّ ذلك لما ذكرنا من أنّ مدرك هذا الأصل ليس دليلا لفظيّا عامّا أو مطلقا حتى نتمسّك بعمومه أو إطلاقه ، بل المدرك إنّما هو الإجماع العملي والسيرة المستمرّة ، والقدر المتيقّن منها هو غير هذه الموارد.
ومن هنا ظهر أنّ إحراز المستأجر للصلاة عن الميّت قصد الصلاة عن الميّت في فعله لازم ، وتجري أصالة الصحّة لو وقع الشكّ في صحّة صلاته من غير هذه الجهة ، ويترتّب عليها كلّ ما كان أثرا له من استحقاق النائب للأجرة ، وفراغ ذمّة الميّت ، وجواز استئجاره ثانيا لهذا العمل فيما يكون فراغ الذمّة شرطا لصحّة الإجارة ، كالحجّ.
والشيخ قدسسره فرّق بين الآثار بما ملخّصه أنّ فعل النائب ، له اعتباران ولكلّ أثر :
أحدهما : أنّه فعل لنفس النائب من حيث إنّه يصدق حقيقة أنّه صلّى ، ولو قيل : لم يصلّ هو ، لعدّ قائله كاذبا ، وبهذا الاعتبار لا بدّ أن يراعي في صلاته