وأمّا الكلام من حيث الترافع : فإن قلنا ببطلان إجارة كلّ شهر بدرهم ، فأحدهما يدّعي الصحّة والآخر ينكرها ، وبما أنّ الصحّة من لوازمها العقليّة تعلّق الإجارة بمدّة سنة وبمبلغ دينار لا يقدّم قول مدّعيها بل عليه البيّنة.
وإن قلنا بصحّتها في الشهر الأوّل فقط ، فيصير من باب التداعي ، إذ كلّ منهما يدّعي شيئا ينكره الآخر ، وليس النفي والإثبات واردين على مورد واحد ، فيعمل على طبق قاعدة التداعي.
وممّا ذكرنا ظهر أن لا خصوصيّة لإجارة كلّ شهر بدرهم في المقام ، بل لو كان صحيحا لصحّ في المقام وغيره ، وإلّا فلا يصحّ في مورد أصلا ، فإضافة لفظة «هنا» ـ كما في كلام جامع المقاصد (١) ـ ليست في محلّها.
ثالثها : ما نقله الشيخ أيضا عن العلّامة (٢) قدسسره من أنّه لو ادّعى المالك مجهوليّة مدّة الإجارة ومال الإجارة كليهما أو أحدهما ، وادّعى المستأجر معلوميّتهما أو معلوميّة أحدهما ، فالمستأجر مدّع للصحّة ولكن لا تثبت دعواه من كون المدّة كذا مقدار أو مال الإجارة كذا مبلغ ، فإنّه لازم عقلي للصحّة.
وذكر جامع المقاصد في شرح قول العلّامة : «يقدّم قول مدّعي الصحّة ما لم يتضمّن دعوى» ما حاصله : أنّ المراد أنّه يقدّم قوله إذا لم يدّع المستأجر ثمنا أزيد من أجرة المثل (٣).
وذكر شيخنا الأستاذ قدسسره أنّ الكلام في هذه الصورة ، إذ في صورة مساواة أجرة المثل لما يدّعيه المستأجر لا فائدة للنزاع ، إذ المستأجر على كلّ حال
__________________
(١) انظر جامع المقاصد ٧ : ٣٠٩. ولا يخفى أنّ كلمة «هنا» وردت في كلام العلّامة في قواعد الأحكام ١ : ٢٣٦.
(٢) فرائد الأصول : ٤٢١ ، وانظر : قواعد الأحكام ١ : ٢٣٦.
(٣) جامع المقاصد ٧ : ٣١٠.