تكون حجّة أم لا؟ لا شكّ في عدم جريان السيرة في هذه الموارد ، والظاهر أنّ عدم الاعتبار ممّا هو متسالم عليه بين الفقهاء أيضا.
إنّما الإشكال في وجه علمي محض ، وأنّه لما ذا لا يكون ما ذكر مشمولا لقوله عليهالسلام : «من استولى على شيء فهو له» (١)؟
ويمكن الجواب بوجهين :
أحدهما : إنكار الإطلاق فيه ، فإنّ ظاهره أنّ من استولى على شيء فهو له من حين استيلائه ، وفي هذه الموارد نعلم أنّه ليس له من حين استيلائه.
ثانيهما : أنّ استصحاب حال اليد من كونها بد غصب مثلا يعارض اليد لو سلّم شمول إطلاق الدليل لهذه الموارد ، فتسقط اليد بالتعارض ويرجع إلى الأصل الحكمي ، وهو أصالة عدم انتقال الملك إلى ذي اليد.
ولكن هذا التقريب غير تامّ ، إذ بعد تسليم إطلاق الرواية لحال الحدوث والبقاء فهو بمنزلة أن يقال : الاستيلاء أمارة للملك في الحدوث والبقاء ، ومعه لا مجال للتمسّك بالاستصحاب ، فإنّ إطلاق الدليل رافع للشكّ ، فيرتفع موضوع الاستصحاب ، فلا معنى لمعارضته لقاعدة اليد ، كما أنّ الوجه الّذي أفاده شيخنا الأستاذ (٢) قدسسره أيضا غير تامّ ، وهو أنّ استصحاب حال اليد مقدّم على اليد لو سلّم شمول إطلاق دليلها لهذه الموارد ، وذلك لأنّ ما ذكرنا من تقدّم القاعدة على الاستصحاب هو في الاستصحاب الحكمي النافي لما تثبته اليد من الملكيّة ، وأمّا الاستصحاب الموضوعي ـ مثل أصالة بقاء اليد على ما كانت عليه من كونها يد غصب أو إجارة أو أمانة ـ فهو يثبت حال اليد ويخرجها عن موضوع دليل اليد ، ضرورة أنّ موضوعه هو اليد المشكوكة الحال التي لا يعلم
__________________
(١) تقدّم تخريجه في ص ٢٨٩ ، الهامش (٣).
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٤٥٦ ـ ٤٥٧.