لمن يطالبه ، وما عنده من المال لا يفي إلّا بالإطعام أو أداء الدين ، فحينئذ يجب عليه أداء الدين وصرف القدرة فيه.
والجواب عنه ظهر ممّا مرّ آنفا ، فإنّ الإطعام ليس بالخصوص واجبا حتى يزاحم أداء الدين ، بل الواجب أحد أمور ثلاثة ، والمكلّف قادر على امتثال كلا التكليفين بلا تزاحم في البين ، فيصرف المال في أداء الدين ويصوم شهرين متتابعين مثلا.
الثالث : أن يكون أحدهما مشروطا بالقدرة شرعا ، كالصلاة مع الوضوء ، والآخر مشروطا بالقدرة عقلا ، كغسل البدن النجس ، فيقدّم الثاني بحكم العقل لو كان عنده ماء لا يمكن إلّا صرفه في أحدهما ، فإنّ القدرة فيما يكون مشروطا بها شرعا لها دخل في الملاك بحيث لا مصلحة للفعل أصلا مع العجز ، وفيما يكون مشروطا بها عقلا لا دخل لها في الملاك أصلا ، فالفعل له مصلحة حتى في حال العجز بحيث لو عجز عنه المكلّف تفوته هذه المصلحة ، وهذا كالصوم ، فإنّه ذو مصلحة حتى في حقّ المريض على ما يستفاد من بعض أدعية شهر رمضان ، فصرف القدرة فيما هو مشروط بها شرعا دون الآخر موجب لتفويت مصلحة الواجب المطلق ، وهذا بخلاف العكس ، فإنّ صرف القدرة في المطلق معجّز مولوي عن الآخر ، وموجب لعدم صيرورة الآخر ذا مصلحة وذا ملاك ، إذ المفروض هو دخل القدرة في ملاكه.
وهذا المرجّح لا إشكال فيه إلّا أنّ المثال المذكور لا ينطبق عليه ، فإنّ غسل البدن أيضا مشروط بالقدرة شرعا ، إذ العاجز عن الصلاة مع البدن الطاهر تجب عليه الصلاة في البدن النجس ، فالأولى هو التمثيل بما إذا وجب عليه صرف الماء لحفظ نفس أو دفع ضرر واجب الدفع ، فيتعيّن صرفه فيه دون الوضوء.