امتثال التكليفين الغيريّين بعدم القدرة على امتثال التكليفين المستقلّين في كونه من باب التزاحم ، ففيما إذا دار أمر المكلّف بين أن يصلّي قائما فلا يقدر على الركوع والسجود إلّا إيماء وأن يصلّي جالسا مع الركوع والسجود ، أفتى بعضهم بوجوب الصلاة قائما مومئا للركوع والسجود ، نظرا إلى سبق القيام في الزمان على الركوع والسجود. وبعض بالعكس ، نظرا إلى أهمّيّة الركوع والسجود.
وصاحب العروة أفتى بالتخيير واحتاط بتكرار الصلاة. وهذا الفرع مذكور في العروة في مقامين : في مكان المصلّي وفي القيام (١).
ولشيخنا الأستاذ قدسسره حاشيتان متناقضتان كلّ في مقام ، ففي إحداهما أفتى بوجوب الصلاة قائما مومئا ، وفي الأخرى بوجوبها قاعدا مع الركوع والسجود.
والتحقيق : أنّ التكليفين غير المستقلّين غير ملحقين بباب التزاحم ، ولا تعمل فيهما مرجّحات باب التزاحم بل داخلان في باب التعارض.
توضيحه : أنّ القاعدة الأوّليّة عند العجز عن إتيان شيء ممّا له دخل في المركّب الارتباطي هي سقوط الأمر المتعلّق به ، لعدم القدرة على المجموع الّذي كان مأمورا به ، وعدم كون ما هو المقدور مأمورا به ، خرجنا عن هذه القاعدة في الصلاة بالإجماع والضرورة و «الصلاة لا تسقط بحال» المستفاد من بعض الروايات ، فعلمنا أنّ العجز عن بعض أجزائها مثلا لا يوجب سقوط أصل التكليف بالصلاة ، بل تجب الصلاة على العاجز أيضا ، ولكن بعد سقوط الأمر المتعلّق بالمجموع لا بدّ من التماس دليل على كون صلاته هي ما عدا غير المقدور من الأجزاء ، فإذا راجعنا الأدلّة ، نرى أنّ ما دلّ على أنّ التكبيرة جزء
__________________
(١) العروة الوثقى : الشرط السادس من شرائط مكان المصلّي. وفصل في القيام ، المسألة ١٧.