من العامّ.
وأورد شيخنا الأستاذ قدسسره بأنّ الدليل الواحد لا يعقل أن يكون بنفسه متكفّلا لبيان الحكم وبيان استمراره ، فإذا لا يكون الاستمرار إلّا مستفادا من استصحاب عدم النسخ ، ومن المعلوم أن لا وجه للتقديم لو كان استمرار حكم الخاصّ مستفادا من الاستصحاب ، فإنّه أصل عملي ، وظهور العموم في الاستغراق حاكم عليه ، فتقديم الخاصّ ليس من باب كونه ظاهرا في الاستمرار ، بل من باب أنّه بنفسه قرينة منفصلة على ما يراد من العامّ جدّاً ، ومعه لا يكون ظهور العامّ في الاستغراق حجّة حتى يكون ناسخا له ، كما أنّه لو كان الخاصّ متأخّرا أيضا يكون كذلك.
ولا قبح في تأخير البيان عن وقت الحاجة إذا كان عن مصلحة في التأخير ، ضرورة أنّ قبحه ليس كقبح الظلم الّذي لا يقبل التخصيص ، بل يكون كقبح الكذب ربّما يصير في بعض الموارد واجبا (١).
هذا ، ولنا كلام في المقام لا نتعرّض له ، لأنّ هذا البحث عندنا لغو من أصله ، ولا تترتّب عليه ثمرة بمقدار ذرّة ، وذلك لأنّ موضوع هذا البحث هو مقام الإثبات ، والنسخ والتخصيص راجعان إلى مقام الثبوت ، بمعنى أنّ الدليل المتأخّر لو كان دالّا على أنّ الشيء الفلاني من الآن حكمه كذا في الشريعة المقدّسة ولم يكن ناظرا إلى ما قبل زمان الورود ، لكان لهذا البحث مجال ، لكنّ الأمر ليس كذلك بالضرورة ، فإنّ المعصوم عليهالسلام لا يبيّن إلّا حكم الشيء من أوّل جعله لا من حين بيانه ، ولذا لو سأله أحد عن حكم الصلاة في غير المأكول ، يجيب بأنّه «تجب إعادتها» و «يعيد صلاته» ولا يقول : إنّ هذا حكم ما سيأتي
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٥١٤ ـ ٥١٥.