منهم» وفي دليل آخر «لا تكرم البغداديّين منهم» ولا بدّ في هذا القسم من تخصيص العامّ بكليهما ، والنسبة باقية على حالها بعد التخصيص بكلّ منهما ، فإنّ العالم غير البصريّ أعمّ مطلقا من العالم البغدادي ، والعالم غير البغدادي أيضا أعمّ مطلقا من العالم البصري ، فنسبة العامّ إليهما لا تنقلب ، خصّص بأحدهما أو بكلّ منهما.
ولكن هذا إذا بقي للعامّ بعد تخصيصه بمجموع المخصّصين مقدار يمكن انتهاء التخصيص إليه ، فلو لم يبق له مورد أو بقي بمقدار يقبح انتهاؤه إليه ، تقع المعارضة بين الأدلّة الثلاثة ، فإنّ كلّا منها نصّ في بعض مدلوله ، فيعلم إجمالا بكذب أحدها ، مثلا : إذا وصل بطريق موثوق به إلى العبد أنّ المولى أمرك ببيع جميع كتبه ، وأخبره ثقة آخر بأنّ المولى قال : «لا تبع كتب الأصول واجعلها وقفا للطلّاب» وأخبره أيضا ثقة آخر بأنّه قال : «لا تبع كتب الفقه وملّكها الطلّاب مجّانا» وفرضنا أن ليس للمولى كتاب غير كتب الفقه والأصول ، أو إذا كان فهو كتاب واحد مثل «المنجد» فالعلم الإجمالي حاصل بكذب أحد هذه الأخبار الثلاثة ، إذ صدور العامّ فقط ممكن ، وصدوره مع أحد المخصّصين أيضا ممكن ، وصدورهما بدون العامّ أيضا ممكن ، فلا علم إلّا بكذب أحدها ، فيعارض كلّ اثنين منها الثالث ، فلا بدّ من طرح واحد منها لا محالة ، فإن كان الجميع متساوية ، فهو مخيّر في طرح أيّ منها شاء ، وإن كان أحدها أضعف من الآخرين ، فلا بدّ من طرحه دونهما ، وإن كان الاثنان منها متساويين والثالث أقوى منهما ، فلا بدّ من الأخذ بالأقوى ، ومخيّر في أخذ أحد المتساويين.
وبالجملة ، لا مناص عن طرح واحد إمّا تعيّنا لو كان أضعف من غيره وإمّا تخييرا بينه وبين ما يكون مساويا له.